الاثنين، 27 ديسمبر 2010

اسرائيل تقرع طبول الحرب في الذكرى الثانية للحرب على غزة / بقلم: أيمن ربايعة


    لا تزال صور القتل والدمار وشظايا قنابل الفسفور الأبيض ماثلة في أذهان الغزيين والعالم بأسره في الذكرى الثانية للحرب الاسرائيلية الظالمة على قطاع غزة التي راح ضحيتها ما يزيد عن الف وخمسمائة شهيد وأكثر من خمسة ألاف جريح، فكيف لمن بترت ساقه أو فقئت عينه ان ينسى ما تعرض له من إعاقة ستلازمه ما بقي من حياته؟؟؟ حرب كان لها الأثر الكبير على حياة الفلسطينيين في القطاع ولم تؤثر قط على عزيمتهم وهمتهم، بل زادت في إيمانهم بعدالة قضيتهم ورسخت مبدأ مقاومة الاحتلال في عقولهم، فأصبحوا لا يؤمنون بالسلام مع عدو ينشغل كل الوقت في وضع خطط للحرب والقتل والدمار.
تمر ذكرى الحرب هذه الأيام متزامنة مع توتر يسود على الحدود مع قطاع غزة في الآونة الأخيرة، فلا يكاد يمر يوما دون ان نسمع عن قصف هنا وانفجار هناك، وشهيد هنا وجريح هناك، حتى ظن البعض ان غزة ما زالت تعيش الحرب  فهي تحت قصف إسرائيلي بين فترة وأخرى.
 حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة تلمح الى قرب شن حرب جديدة على قطاع غزة هي بطبيعة الحال ستأكل الأخضر واليابس وتنهي سيطرة حركة حماس على قطاع غزة على حد تعبير قادة الاحتلال، فإسرائيل ومن خلال هذه التصريحات التي ترددت على ألسنة العديد من المسؤولين الإسرائيليين ترسل برسالة الى أهل القطاع مفادها  انه لا يحق لكم العيش بأمان في بيوتكم ولن تنسوا مشاهد القتل والدمار ما دمتم جيران لنا، كما تبعث لكل من يحاول الوقوف الى جانب هذا الشعب انه لن يستطيع أبدا مساعدته أو التدخل في شؤونه ما دامت اسرائيل موجودة، وخير دليل على ذلك تلك الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات البحرية الاسرائيلية ضد أسطول الحرية لكسر الحصار عن القطاع في أيار مايو الماضي، وما عززها أكثر تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي المتطرف افيغدور ليبرمان بالأمس حين وصف مطالبة تركيا لإسرائيل بالاعتذار عما ارتكبته بأنه وقاحة وأكثر من وقاحة، من الذي يمارس الوقاحة السياسية والعسكرية؟؟؟ ومن يعتبر نفسه فوق القوانين والشرائع الدولية؟؟ تركيا ام اسرائيل؟؟
هذه العنجهية الاسرائيلية المتنامية هي نتاج طبيعي لضعف واضح وملموس في الموقف العربي والفلسطيني، ففي حين انشغل العرب بقضاياهم الداخلية من انتخابات برلمانية واحتجاجات عمالية وغيرها، ينشغل الفلسطينيون بالمصالحة وحشد الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقبلية وهو اعتراف لا يسمن ولا يغني من جوع بدليل ان دول العالم كلها اعترفت بالدولة الفلسطينية حينما تم الإعلان عنها في أواخر ثمانينيات القرن الماضي دون ان يحقق هذا الاعتراف قيام الدولة على ارض الواقع، وما هو ظاهر للعيان ان اسرائيل ستستغل هذه الظروف والأجواء السائدة لشن حرب جديدة على قطاع غزة دون ان يمنعها احد أو يعارضها لا بل يمكنها ان تحصل على تأييد العديد من الأطراف في المنطقة التي يعرف عنها تواطئها مع الاحتلال.
تلك الحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة ستبقى وصمة عار في جبين العالم المتحضر الذي يدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان، كما ستبقى علامة على خذلان العرب وجيوشهم للشعب الفلسطيني، فما زلنا نسمع الاستنكار العربي لما تقوم به اسرائيل دون ان نرى أي تحرك فعلي لوقف هذه الأفعال، لذلك فحرب غزة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة وهو ما لن يغير أبدا تلك المواقف العربية الباردة تجاه القضية الفلسطينية التي لم تعد تتصدر رأس سلم أولوياتهم.
أيمن ربايعة – صحفي فلسطيني

الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

الولايات المتحدة وإسرائيل...من يأتمر بأمر الآخر؟؟؟/ بقلم : أيمن ربايعة


     بعد إعلان الولايات المتحدة عن عدم مطالبتها لإسرائيل بتجميد الاستيطان في الأراضي المحتلة، ها هي اسرائيل تنفذ مخططاتها وتثبت للعالم اجمع ان كلمتها هي التي تسمع في البيت الأبيض وليست كلمة أي طرف أخر، فالولايات المتحدة ماانفكت في الآونة الأخيرة تطلق تصريحاتها عن تقدم تشهده عملية السلام وعن قرب انفراج أزمة المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وكان أخرها تصريحات لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تعلن فيها عن تقدم ملموس سيلحظه كل من له علاقة في عملية السلام، حتى جاءت التصريحات الأخيرة لتنسف كل فرصة للسلام مع اسرائيل، ولتضع علامة استفهام كبيرة جدا على دور الولايات المتحدة كوسيط للسلام، هذا الوسيط الذي لم يكن نزيها في يوم من الأيام، وكان يعلن دعمه لإسرائيل جهارا نهارا، ومع ذلك بقي الطرف الفلسطيني متمسكا بالولايات المتحدة كوسيط لغياب من يلعب دورا ملموسا في عملية السلام، فالاتحاد الأوروبي ترك هذا الدور لحساسية علاقته مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية، وروسيا مشغولة بالعديد من القضايا أهم من القضية الفلسطينية بالنسبة لها، والضعف الواضح في الموقف العربي وغياب أو بالأحرى تغييب أوراق الضغط العربية، وهذا ما اوجد لاعبين جدد على الساحة في الشرق الأوسط أبرزهم تركيا وإيران.
تخلي الولايات المتحدة عن دورها في عملية السلام يفتح الباب على مصراعيه أمام اسرائيل للمضي قدما في خططها الاستيطانية وتهويد القدس ونهب الأرض الفلسطينية التي يأمل الفلسطينيون بإقامة دولتهم الحلم عليها، ويترك القيادة الفلسطينية وحيدة أمام كل التحديات التي تواجهها بسبب سياساتها غير المدروسة، والاتكال على عدالة القضية الفلسطينية لاستمالة الرأي العام العالمي لنصرة الشعب الفلسطيني في حين غفلت عن الجهد الكبير التي تبذله اسرائيل في إقناع العالم بسياساتها وقد نجحت في ذلك، وما قرار واشنطن الأخير الا دليل على نجاحها.
ما هو واضح للعيان ان تسريبات ويكيليكس هي أداة ضغط استخدمتها اسرائيل ضد الولايات المتحدة لثنيها عن مطالبتها بوقف الاستيطان، وهذا ما يمكننا تلمسه من خلال تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حيث قال ان اسرائيل لن تتضرر من وثائق ويكيليكس، فمن أين لنتنياهو كل هذه الثقة؟؟.... بالفعل لم ينشر هذا الموقع أي وثائق من شأنها إثارة الجدل ضد اسرائيل وسياساتها ...أيعقل ان الدبلوماسيين الأمريكيون لم يتحدثوا للإسرائيليين عن أي شيء له علاقة بالأوضاع في الشرق الأوسط؟؟
هدف اسرائيل من هذه التسريبات هو إحراج الولايات المتحدة مع أصدقائها وحلفائها، وكذلك خلق فتنة عربية عربية، وتسليط الضوء على إيران، وإظهارها وكأنها العقبة الكبرى في طريق الاستقرار في الشرق الأوسط، وإثارة الفوضى وجعل العالم يلتفت الى قضايا أخرى وإبعاد الرأي العام عما يحدث في الشرق الأوسط، ووضع جوليان اسانج مؤسس ويكيليكس واجهة تختبئ وراءها اسرائيل، وهنا يمكننا ان نعرف من يأتمر بأمر الآخر.
ما دامت الإدارة الأمريكية قد تخلت عن دورها في عملية السلام، فعلينا نحن كعرب ان نعيد النظر في خياراتنا وان نضع برنامجا للمقاومة من شأنه ان يجعل من مواقفنا أكثر قوة، ويضع الجميع أمام التزاماته، وان نستخدم العديد من الأسلحة للضغط على الإدارة الأمريكية وإسرائيل وعلى رأسها النفط، فسياسة الاستجداء وطلب المساعدة لم تعد تنفع، والسلام لا يصنعه الا الأقوياء وليس هناك اليوم اضعف منا، لا لنقص في مواردنا البشرية والمادية وإنما لعجزنا عن تسخير هذه الموارد في خدمة قضيتنا العادلة، وإقناع العالم بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم ونيل حريتهم.
أيمن ربايعة – صحفي فلسطيني

الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

بعد فضيحة ويكيليكس...يا جاري أنت بحالك وأنا بحالي / بقلم : أيمن ربايعة


    من بين الكم الهائل من الوثائق السرية التي نشرها موقع ويكيليكس أثارت العديد من الوثائق التي تخص العرب جدلا واسعا في العالم العربي بشكل خاص والعالم بشكل عام، حيث كشفت تلك الوثائق عن مدى التواطؤ العربي مع الولايات المتحدة وحلفائها ضد إيران، وحث تلك الدول على ضرب المنشآت النووية الإيرانية في خطوة من شأنها ان توقف الملف النووي الإيراني المثير للجدل، هذه الوثائق أظهرت كذلك كذب هؤلاء الزعماء الذين يدعون بأنهم يحرصون على علاقات طيبة مع دول الجوار وخصوصا إيران، فما كان منهم الا ان نفوا ما ورد في هذه الوثائق متهمين مؤسس موقع ويكيليكس بإثارة الفتنة وخلق اجواء متوترة، أما الرد الإيراني على تلك الوثائق فقد جاء مفاجئا للجميع حيث هاجمت إيران القائمين على الموقع وقالت ان العرب لا ولن يكونوا طرفا ضد إيران، ولكن هذه التصريحات تخفي ورائها نوايا أخرى قد تتكشف في المستقبل وسيكون لها اثر بالغ على العلاقات الإيرانية العربية، إما ان تسوء هذه العلاقة او تصاب بالفتور، ليكف بعدها كل من العرب وايران عن التدخل في شؤون بعضهم البعض او مجرد الحديث بما يخصهم، او بإختصار (يا جاري انت بحالك وانا بحالي) وهذا ما ظهر جليا في تعليق امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حيث قال ان ايران تكذب علينا ونحن نكذب عليها، وهنا يطرح السؤال..هل هذه العلاقة بين العالم العربي وإيران صحية وسليمة؟؟؟
كما أظهرت بعض الوثائق المنشورة أيضا هشاشة العلاقات العربية - العربية، ففي احدى الوثائق قال أمير قطر ان الرئيس المصري حسني مبارك يكرس جل اهتمامه في كيفية توريث منصبه الى نجله الأصغر جمال مبارك، وقال أيضا ان مبارك يعتاش على القضية الفلسطينية من خلال عرقلته لجهود السلام لكي يضمن تدفق الأموال الأمريكية إليه بصفته شريكا في عملية السلام، بالأمس القريب كان الرئيس المصري في زيارة رسمية الى العاصمة القطرية الدوحة وأشاد بالعلاقات المصرية القطرية واكد ان هذه العلاقات شابها بعض الشوائب لكن الاتصالات لم تنقطع أبدا بين القاهرة والدوحة مفاخرا بمتانة هذه العلاقة، لتأتي هذه الوثائق بما لا يشتهيه قطر، أما العراق فقد كان له نصيب من تلك الوثائق التي كشفت ان مبارك نصح الأمريكيين بأن يكفوا عن نشر الديمقراطية في العراق بذريعة ان العراقيين قساة بطبيعتهم ولا تناسبهم الديمقراطية، وهنا ظهر الرئيس المصري وكأنه يمارس الديمقراطية بكل حذافيرها، ويعيش حالة من الاستقرار السياسي في بلاده، وقد نسي أو تناسى انه يفرض قانون الطوارئ على المصريين منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود.
وثائق ويكيليكس فضحت ازدواجية المواقف لدى الدول العربية، وخداع الشعوب الذي كان يمارسه هؤلاء الزعماء، وسعيهم الدءوب لإرضاء الولايات المتحدة والمحافظة على علاقات متينة معها على حساب علاقاتهم بين بعضهم البعض وبين جيرانهم من الدول المحيطة، كما ان هؤلاء الزعماء يؤمنون حق الإيمان ان مصيرهم بيد الإدارة الأمريكية ولهم في الرئيس العراقي الراحل صدام حسين اكبر عبرة، ولكن ما هو واضح ان هؤلاء الزعماء لا يريدون الاقتناع بأن الولايات المتحدة لا صديق لها في المنطقة سوى اسرائيل، وان كانت تتودد إليهم فقط لتستحوذ على ما لديهم من ثروات ومقدرات وعلى رأسها النفط العربي.
وثائق ويكيليكس ستلقي بظلالها على العلاقات بين العديد من الدول والولايات المتحدة فترة غير وجيزة، لما لها من آثار كبيرة على مستقبل تعامل تلك الدول مع الدبلوماسيين الأمريكيين، فالحذر سيكون سيد الموقف من الان فصاعدا، ويجب على كل من ورد ذكره في هذه الوثائق ان يأخذ العبرة منها، كما ان على العرب ان يغيروا من سياستهم، وخصوصا تلك الثقة الكبيرة بالإدارة الأمريكية وان لا ينخدعوا بما تقدمه لهم، وعليهم ان يعلموا ان الولايات المتحدة تستفيد منهم أكثر بمائة مرة مما يستفيدون هم منها، وان يتخذوا من شعوبهم وأمتهم عمقا استراتيجيا يجعل من موقفهم أكثر صلابة وحكمة.
أيمن ربايعة – صحفي فلسطيني