الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

عشر سنوات على انتفاضة الاقصى..../ بقلم : أيمن ربايعة


      عشرة أعوام مرت على اندلاع انتفاضة الأقصى التي جاءت كرد فعل طبيعي على تعنت الإسرائيليين ومماطلتهم في تطبيق مبادئ اتفاق أوسلو على ارض الواقع، واحتجاجا على الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في الأراضي الفلسطينية، ومحاولات الجانب الإسرائيلي إضعاف السلطة الفلسطينية وخلق العقبات أمام تقدمها في بناء الدولة، وكرد فعل على زيارة أرئيل شارون ( رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ) في الثامن والعشرين من أيلول سبتمبر عام ألفين، للمسجد الأقصى المبارك، تلك الزيارة التي أشعلت فتيل الانتفاضة، الأمر الذي أثار غضب المقدسين والشارع الفلسطيني، لتندلع بعد ذلك مواجهات دامية بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال.
استقبل الفلسطينيون الألفية الثالثة بانتفاضتهم في وجه الظلم والغطرسة الاسرائيلية، والتي قمعها المحتل بكل ما أوتي من قوة،  ليبلغ عدد شهداء تلك الانتفاضة المباركة ما يزيد عن أربعة آلاف فلسطيني، وتخطي عدد الجرحى حاجز الخمسون ألفا، على مرأى ومسمع العالم المتحضر الديمقراطي والذي يدعو الى الحفاظ على حقوق الإنسان وصيانتها من الانتهاك إلا في فلسطين.
بعد عشرة أعوام من الانتفاضة، المراقب للوضع الحالي لا يرى أن الوضع قد تغير، لا بل ازدادت الأمور سوء، جدار الفصل العنصري يلتف حول رقاب الفلسطينيين ليحرمهم حرية التنقل بين مدنهم وقراهم، والاستيطان يلتهم الأرض الفلسطينية، ليبدد معه حلم الدولة الفلسطينية، وانقسام في الساحة الفلسطينية اضر كثيرا بالمصالح الفلسطينية وجعل الاحتلال يستفرد بالفلسطينيين لملي عليهم حلوله وطروحاته، وأوضاع اقتصادية بائسة، ومعونات تتهافت على الشعب الفلسطيني من كل حدب وصوب، تبقى حبيسة المستودعات حتى تفسد ومن ثم تلقى في تجمعات النفايات لتفسح المجال لغيرها في المكوث في تلك المستودعات.
اعتداءات الاحتلال طالت جميع مناحي الحياة الفلسطينية بهدف شلها والقضاء عليها، والتسبب في أعطاب كبيرة تعيق أي مشروع تسوية في المستقبل، ولم يقتصر هجوم المحتل على المسلمين ومقدساتهم، بل تعدت لتشمل كل ما هو فلسطيني بغض النظر عن دينه وانتمائه السياسي، فكانت قوافل الشهداء من المسلمين والمسحيين ودنست المساجد والكنائس على حد سواء.
الشعب الفلسطيني استفاد من هذه الانتفاضة بأن سلط الضوء على القضية الفلسطينية، وذكر العالم بأن هناك مشكلة في الشرق الأوسط تستعصي على الحل، وكشف النقاب عن وجه إسرائيل الأسود، وفضح ممارسات الاحتلال وعنجهيته، وأسلوبه الوحشي في التصدي لهبة الشعب الفلسطيني، ووضع العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وكشف زيف الدول التي تدعي حيادها من القضية الفلسطينية، والاهم من ذلك كله اظهر قصور الأمم المتحدة في التعامل مع القضية الفلسطينية وتخليها عن دورها الهام في حل النزاعات الدولية، في ظل السيطرة الأمريكية على المنظمة الدولية وتحريكها بما يخدم المصالح الامريكية حول العالم.
كما أن من نتائج هذه الانتفاضة المباركة اعتراف العالم كله بعدالة قضية الشعب الفلسطيني وحقه في التحرر وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، ووضع حد لانفلات إسرائيل وتمردها على القوانين والأعراف الدولية، والسعي الى محاسبة مجرمي الحرب فيها من خلال جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان والمنظمات المناصرة للشعب الفلسطيني.
عشر سنوات مرت على الانتفاضة لتضيف العديد من صفحات الكفاح والمقاومة لتاريخ فلسطين النضالي، ولكن دون أن يتغير حال الشعب الفلسطيني ودون إقامة دولته، ودون أن تحاسب إسرائيل على جرائمها، بل على العكس من ذلك تزايدت الضغوط على الفلسطينيين للمساومة على حقوقهم وثوابتهم، وثنيهم عن مواقفهم الرافضة لكل أشكال التبعية والتذويب التي تسعى العديد من الدول والاطراف فرضها على الفلسطينيين.
 أيمن ربايعة - صحفي فلسطيني
  

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

من يأتي أخيرا، يرحل أولا.....يا ليبرمان / بقلم : أيمن ربايعة


تتخبط الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل بزعامة بنيامين نتنياهو خبط عشواء، فتارة يطالبون الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية دولتهم، وتارة أخرى يطالبون بدولة فلسطينية منزوعة السلاح بالكامل، أما اتفاق السلام فحدث ولا حرج، فهم يريدون اتفاقا على مبدأ الأرض مقابل السلام، ومع سوريا السلام مقابل السلام، ومؤخرا خرج علينا ذاك المستوطن اليميني المتطرف المدعو افيغدور ليبرمان في طرح جديد ألا وهو الأرض والسكان مقابل السلام.....يا سلام!!!
ليبرمان يدعو المفاوض الإسرائيلي الى طرح موضوع العرب داخل إسرائيل على طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، بحجة أن الفلسطينيين والعرب يرفضون يهودية دولة إسرائيل، هذه التصريحات تعتبر خطيرة جدا، لأنها تكشف عن الوجه العنصري المقيت لهذه الدولة، فهي تسعى وبكل جهدها لإخراج هؤلاء الفلسطينيين من أرضهم واجتثاثهم، وطمس معالم فلسطين التاريخية العربية، وهذا ما فشلت إسرائيل في تحقيقه منذ قيامها وحتى ألان، فإسرائيل تنظر الى الفلسطينيين في الداخل على أنهم خطر يهدد بقائها، وقنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، فالعرب يشكلون حاليا ما نسبته 20% من عدد السكان، نسبة كبيرة مقارنة بالأقليات الأخرى المتواجدة في إسرائيل، لذلك نجد شبح التغير الديموغرافي يسيطر على صانع القرار الإسرائيلي، وستبقى إسرائيل تستخدم هذه الورقة للضغط على الفلسطينيين والتهديد بطردهم.
لماذا لم يشر ليبرمان الى المستوطنين كعقبة كبرى في وجه السلام؟ ولماذا يدفع الفلسطينيون الثمن دائما أينما كانوا؟ قد لا يعلم ليبرمان أن الفلسطينيين موجودون في هذه البلاد من قبل أن تقام إسرائيل، ويتبن لنا أيضا أن ليبرمان وأشكاله قد نسوا أو تناسوا من أين أتوا وما هو أصلهم، هؤلاء الشرذمة التي تجمعوا من كافة أقطار العالم ليغتصبوا ارض فلسطين ويقيموا عليها دولتهم البغيضة، دائما ما يأتي ليبرمان بأفكار متطرفة فهو من اقترح من قبل مشروع ترحيل الفلسطينيين أو (الترانسفير) سواء داخل إسرائيل أو في الضفة وغزة، الى الأردن في إطار الوطن البديل، هذا المشروع الخيالي الذي يرفضه الجميع، وتصل بهم الوقاحة الآن الى المطالبة بطرد السكان العرب من أرضهم وارض أجدادهم، في حين يطالب الفلسطينيون بحق العودة لمن هجروا من بيوتهم وأرضهم عام ثمانية وأربعين، وهذا ما كفلته القوانين والقرارات الدولية.
ينظر المراقبون الى هذه التصريحات التي أطلقها ليبرمان، على أنها جزء من حملة انتخابية يسعى من خلالها الى كسب أصوات اليمين المتطرف المعادي للعرب في إسرائيل، وهي في الأساس أيضا خطوة لتهويد العديد من المناطق في الداخل الفلسطيني كالنقب والجليل وعكا وغيرها، وهي أيضا عقبة جديدة من العقبات التي دأبت إسرائيل على وضعها أمام عملية السلام، ففي حال إصرار الفلسطينيين على موقفهم الرافض للاعتراف بيهودية الدولة، فإن إسرائيل ستطرح وبشكل رسمي تبادل السكان الذي تحدث عنه ليبرمان في تصريحاته، بحيث تطرد السكان العرب مقابل إخلاء المستوطنات المقامة في الضفة الغربية، ومن ثم تعود المفاوضات وعملية السلام تراوح مكانها من جديد، ليتحمل الطرف الفلسطيني مسؤولية إفشالها، وكأنها حققت الكثير ولم يبق إلا القليل.
على الفلسطينيين أن يتنبهوا جيدا لمثل هذه التصريحات لما لها من خطورة على واقع فلسطينيي الداخل، وتزايد الضغوط الاسرائيلية عليهم، وكذلك لتمرير هذه المطالب من خلال المفاوضات، ووضعها ضمن جدول أعمال الوفدين المفاوضين، تمهيدا لجعلها شرطا أساسيا من شروط تحقيق السلام الذي طال انتظاره، ويجب كذلك على ليبرمان أن يعلم جيدا أن ما يخطط له سيفشل ويتحطم على صخرة إصرار الفلسطينيين في البقاء على أرضهم، وكما قال النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي الدكتور احمد الطيبي ردا على تصريحات ليبرمان" من يأتي أخيرا، يرحل أولا".

الجمعة، 17 سبتمبر 2010

يقتلون ويستمرون في البناء ويتفاوضون..!!!/ بقلم : أيمن ربايعة


     

     الجولة الثالثة من المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي عقدت في مدينة القدس المحتلة، لطفت الأجواء، وخلقت نوعا من الارتياح بين أعضاء طاقمي المفاوضات، على حد تعبير المراقبين، بالرغم من قتامة الصورة والاستياء العام في الشارع الفلسطيني من هذه المفاوضات، وفقدان الأمل من جدواها، فإسرائيل تصر على اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة وهذا ما لم يكن مطروحا إبان توقيع اتفاق أوسلو في تسعينيات القرن الماضي، والفلسطينيون يتمسكون بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية الى حين التوصل الى اتفاق إطاري بين الجانبين، والولايات المتحدة تتعهد بتقديم الاقتراحات المناسبة للطرفين دون إلزامهم بها، وتؤكد أن هذه المفاوضات ستوصل في النهاية الى الدولة الفلسطينية، وستجلب الأمن  لإسرائيل، من جانبها تؤكد وزيرة الخارجية الأمريكية على متابعتها الشخصية لهذه الجولات، وكذلك إشادتها بجدية الطرفين في التوصل الى اتفاق، ومن الجدير ذكره أن الوزيرة كلينتون لم تعد الى منزلها منذ أربعة أيام، وهنا نتساءل عن وضع السيد بيل كلينتون في هذه الفترة وكيف يستطيع أن يتدبر أمره أثناء غياب زوجته؟.
      إذن... نحن نتفاوض ونتباحث، في سبيل التوصل الى اتفاق لكي نمهد الطريق للعيش بجوار بعضنا البعض بأمان واستقرار، فلماذا العدوان والقتل؟؟، وما هو مبرر هذا التصرف؟؟... قوة عسكرية إسرائيلية تقتحم مخيم نور شمس في مدينة طولكرم وتقتل مواطنا ينام بسريره وبين أولاده، السيد إياد اسعد شلباية من كوادر حماس في الضفة الغربية، تغتاله بالإطلاق النار عليه في السرير الذي يرقد فيه، أسلوب قتل وحشي تتبعه هذه القوات، والتي تتفاخر بأنها من أكثر الجيوش في العالم التزاما بأخلاق الحرب والقتال، وهو في الحقيقة ابعد ما يكون عن تلك الأخلاق، دائما نتمسك بالسلام كخيار استراتيجي، وإسرائيل تتخذ من الحرب كخيار أفضل للقتل الفلسطينيين وتغيير الحقائق على الأرض.
     مسؤول إسرائيلي كبير يصرح، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يجمد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وستتواصل المفاوضات، استمرار أعمال الاستيطان ونهب الأرض الفلسطينية، التي من المفترض أن تقام عليها الدولة الفلسطينية، يجعلنا نعيد النظر في جدوى المفاوضات منذ التسعينيات وحتى الآن، فبعد مؤتمر انابوليس للسلام الذي عقد في ولاية ميريلاند الأمريكية في السابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر عام ألفين وسبعة، ازدادت أعمال البناء والنشاط الاستيطاني ما نسبته 70% على حد قول بعض الدراسات، ومن الملاحظ أيضا أن إسرائيل كلما شرعت في مفاوضات سلام مع الفلسطينيين، فإنها تزيد من الأعمال المعادية لهم وتسعى وبكل قدرتها الى تغيير الحقائق على الأرض، لخلق أمر واقع تضعه عقبة في طريق التوصل الى أي تسوية مع الفلسطينيين، من لا يعرف مستوطنة معاليه ادوميم، فهي مستوطنة تقع الى الشرق من مدينة القدس المحتلة، وتعد من كبرى المستوطنات في الضفة الغربية، ومن المستوطنات التي تنوي إسرائيل الاحتفاظ بها، في حال التوصل الى أي اتفاق مع الفلسطينيين، وهي بالمناسبة إحدى أهم مرتكزات مخطط تهويد القدس، هذه المستوطنة لا يفصلها عن الحدود الأردنية الفلسطينية سوى بضعة كيلو مترات، أي أنها تفصل شمال الضفة عن جنوبها، وتزيد من تشرذم الأرض الفلسطينية، فكيف ستحتفظ إسرائيل بهذا الجزء الكبير من الضفة الغربية؟؟ والذي يعد بمثابة العمق للدولة الفلسطينية المستقبلية، ناهيك عن العديد من هذه المستوطنات التي تتربع فوق أرضنا الفلسطينية.
    المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي تبعث على الاستياء، ليس لضعف في موقف المفاوض الفلسطيني، بل مما تفرضه تلك الدولة من حقائق على ارض الواقع،يستحيل معها التوصل الى سلام، وهذا الحقائق في الأساس مخالفة للقانون الدولي، بالرغم من كل ذلك، تدعي إسرائيل أنها تسعى للسلام، ولا تأل جهدا في سبيل تحقيقه، فقد توصل الجانب الفلسطيني الى اتفاق مع إسرائيل يستطيع بموجبه الحصول على أكثر من97% من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة كاملا في مفاوضات سابقة، ولم يتحقق شيء من ذلك ، فما بالكم ألان وقد التهم الاستيطان أكثر من نصف الضفة الغربية بقليل، وهودت القدس - التي لن تتنازل عنها إسرائيل مهما حصل- ومعالمها الفلسطينية العربية في تناقص مستمر، وطرد الآلاف من أهلها وسكانها وتغير وجهها.....السلام حلم يصعب تحقيقه.

الاثنين، 13 سبتمبر 2010

تركيا على أعتاب الاتحاد الاوروبي..../ بقلم : ايمن ربايعة




     بالأمس اجتاز حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا اختبار تعديل الدستور، والذي يعد من العقبات الكبيرة أمام تركيا في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي لنيل العضوية الكاملة في الاتحاد، فقد صوت ما نسبته ثمان وخمسون بالمائة من الشعب التركي لصالح التعديلات، وهي نسبة يراها المراقبون مرتفعة جدا ولم يسبق لأي حزب أن حصل عليها في تاريخ تركيا الحديث، تعديل ست وعشرين مادة في الدستور التركي من أهمها مواد تقلص دور المؤسسة العسكرية في السياسة وإمكانية محاسبة عناصر الجيش أمام المحاكم المدنية، وتزيد من صلاحيات البرلمان ورئيس الدولة في تعيين القضاة، ومواد أخرى تجعل من تركيا أكثر ديمقراطية، أما ردود الفعل الدولية على هذا الاستفتاء فقد جاءت كلها مرحبة بهذا التغيير وداعمة له، فالاتحاد الأوروبي اعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح من الاحتفاظ بحق الاتحاد في مراقبة تنفيذ هذه التعديلات على ارض الواقع، كما جاءت بيانات الخارجية الأمريكية والألمانية مرحبة بهذه النتيجة، وكذلك تلقي اردوغان العديد من المكالمات الهاتفية تهنئه بهذا الفوز أهمها من الرئيس الأمريكي باراك اوباما.
الدستور الحالي والذي وضعه العسكر عام ألف وتسعمائة واثنين وثمانين بقيادة الجنرال كنعان ايفرين، يعطي المجلس العسكري والقضاة العديد من الصلاحيات للتدخل في الحياة السياسية التركية وهذا ما لا يروق للاوروبين والغرب لان الجيش من وجهة نظرهم ويؤمر ولا يأمر، ويرى البعض أن نتائج الاستفتاء هي في الأساس تعبير عن نصر انتخابي لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية المقبلة المزمع إجرائها العام القادم ورجح العديد من المراقبين للشأن التركي أن يدعو رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الى انتخابات مبكرة للضمان الحصول على أصوات من أيدوا هذه التعديلات الدستورية.
الناظر الى الحالة التي تعيشها تركيا هذه الأيام يرى أن دور الجيش والقضاء في الحياة السياسية بدأ يتلاشى شيئا فشيئا، وهاتين المؤسستين من أهم المؤسسات المناصرة للعلمانية الكمالية والمدافعة عنها في وجه كل من يحاول تغيير معالمها، وأصبح الحديث عن مبادئ أتاتورك العلمانية ليس محرما ويمكن نقضها وحتى تغييرها وهذا ما أثبتته نتيجة الاستفتاء.
طرح هذه التعديلات الدستورية للاستفتاء العام في تركيا يعبر عن احترام الطبقة الحاكمة لرأي الشعب سواء أكان معارضا أو مؤيدا لها، لان الشعب هو القاعدة التي ينطلق منها كل حزب في طريقه للوصول الى السلطة، وهنا يبرز دور الإعلام في خلق رأي عام حول قضية معينة وإعطاء هذا الرأي الدور الايجابي في التغيير، ولو قمنا بعمل مقارنة بسيطة بين ما يستطيع الرأي العام التركي بالرغم من تحركه الخجول مقارنة بالرأي العام في أوروبا وأمريكا، وبين الرأي العام العربي والذي يعد من المصطلحات التي لا وجود لها على ارض الواقع، لوجدنا أن الرأي العام العربي إن لم يكن موجودا فإنه مخدر ومغيب وبعيد عن القضايا التي من المفترض أن يلعب دورا مهما وجوهريا فيها، وهذا يعود الى هروب الإعلام العربي بالرأي العام الى قضايا هامشية بل وتافهة، وفي بعض الأحيان قد يدفع الإعلام العربي بالرأي العام الى خلق أزمة بين الدول العربية الشقيقة وهذا ما حصل في أزمة الجزائر ومصر، والتي وظف فيها الإعلام بعناية للتسبب بهذا الخلاف غير المسبوق بين دولتين عربيتين، قد يتساءل احد ويقول : ماذا تسمي هذه الأعراس الديمقراطية التي تتمثل في الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تجرى في البلاد العربية بين الفينة والأخرى، والجواب هنا يتلخص في أن هذه الأعراس الديمقراطية ما هي إلا مسرحيات كوميدية نتيجتها محسومة سلفا، ولا يطال المواطن العربي منها سوا يوم العطلة الذي يتوجه فيه الناخبون لصناديق الاقتراع لوضع هذه الأوراق التي لا تعد ولا تفرز في الأساس، لان مغتصب السلطة لا يكترث بما يقوله الشعب، وفي اغلب الأحيان يختلق نتائج تليق بمقاسه.
متى يكون للرأي العام العربي كلمته في كل القضايا التي تهمه؟ ومتى سيؤخذ هذا الرأي من قبل من نصبوا أنفسهم أوصياء على آراء الناس في الاعتبار؟ الى متى سيبقى الرأي العام العربي منشغل في تأمين لقمة عيشه ومكان سكنه، ومتى سينهض في تفكيره للتغيير الواقع الذي يعيشه؟
أتمنى أن نجد أجوبة لكل هذه التساؤلات في القريب العاجل.

السبت، 11 سبتمبر 2010

تيري جونز......ماذا تتوقعون من تافه كهذا؟؟/ بقلم : ايمن ربايعة

      إصرار القس تيري جونز على موقفه المتمثل في حرق نسخ من القرآن الكريم في الذكرى التاسعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر يعتبر من اخطر الهجمات على الإسلام والمسلمين، فالغرب في الآونة الأخيرة زاد في تهجمه على الإسلام والإساءة الى رموزه ومقدساته، ليس لشيء إلا لأنه رأى المسلمين متخاذلين ومتصارعين ومشتتين وهم اضعف من أن يدافعوا عن دينهم ويردوا كل متهجم على رموزه، لو كانت الصورة على العكس من ذلك أي أن المسلمون موحدون متحابون يوظفون مواردهم لخدمة أمتهم وشعوبهم وأبناء جلدتهم بدلا من إنفاقها على الترف والبذخ والرفاهية التي هي في الأساس مصدرها الغرب، لما تجرأ احد على الإسلام، ولأصبح العالم يفكر ألف مرة قبل أن يعلن عن أي تحرك من أي طرف قد يسيء للإسلام، في هذه الحادثة بالذات تأتي الإساءة للإسلام من شخص تافه وحقير (القس تيري جونز) راعي كنيسة معمدانية في ولاية فلوريدا الأمريكية ولا يتجاوز أتباع هذا الكنيسة خمسون شخصا يعرف عنه انه مطرود ومطلوب للقضاء الألماني بتهم تتعلق بالتزوير وانتحال الشخصية، رجل بهذه التفاهة والضآلة يتطاول على القرآن الكريم، ماذا أبقى هذا الصغير لمن هم اكبر منه من إساءة لنا ولديننا؟، وهذا ما يجعلنا نستخلص العبر ونعيد النظر في موفقنا السلبي الدائم من هذه القضايا، ونتساءل هنا عن دور إعلامنا العربي والإسلامي الذي فضل إنتاج المسلسلات والأفلام الهابطة التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي لها بالغ الأثر في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، على الانطلاق من إستراتيجية إعلامية واضحة وصريحة لإظهار الصورة الصحيحة والحقيقية عن ديننا الحنيف، ودحض كل ما يثار حوله من أكاذيب وافتراءات، وقد يتساءل البعض عن القنوات الفضائية الدينية الإسلامية والعربية التي انتشرت في الآونة الأخيرة وواجبها تجاه هذا الدين، والرد أن هذه القنوات تجارية بامتياز ووظيفتها لا تعدى الدروس الدينية من تعليم للصلاة والحج وغير ذلك من العبادات والشعائر وليس في اهتماماتها الدفاع عن الإسلام ورد على كل من يتطاول عليه.
دائما ما يبرر الغرب هذه التصرفات من هؤلاء الحاقدين بأنها ضرب من ضروب حرية التعبير والحريات المدنية، ولكن نهج الإساءة للأخر وتشويه صورته لا يتبعه إلا من عجز عن إقناع الطرف الأخر بوجهة نظره لذا تراه يتجه الى الإساءة والشتم والقذف، وما الى ذلك من هذا الكلام الذي لم يعد ينطلي على احد، وكأنهم تناسوا أن حريتهم تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، فلو أن أحدا من المسلمين أعلن في وسائل الإعلام انه ينوي حرق صورة للرئيس الأمريكي أو للبابا الفاتيكان وليس للإنجيل أو أي كتاب مقدس أخر، لرأينا أن حكوماتنا التي تدعي الديمقراطية تتهافت على منعه وتنزل به اشد العقوبات على مرأى ومسمع العالم كله، ولكن في حادثة القس جونز جميع من تحدثوا الى وسائل الإعلام معلنين رفضهم لهذا التصرف هم في الأساس راضون كل الرضى عما يقوم به القس جونز والدليل أنهم اكتفوا بالتحذير من تداعيات هذه الخطوة على مصالح الولايات المتحدة في العالم وخطورتها على الجنود الأمريكيين في أفغانستان وغيرها من البلدان التي تتربع فيها هذه القوات، ولو لم تكن للولايات المتحدة قوات عسكرية منتشرة في العالم لسمعنا مباركة أمريكية رسمية وعلنية لهذا العمل.
ولكن الملاحظ وبشكل واضح وفاضح صمت الزعماء والرؤساء العرب الذي يبعث على الاستياء، وكأن الأمر لا يعنيهم وهم من يصفون أنفسهم مناصرين لهذا الدين ورموزه، فمنهم من يصف نفسه خادما للحرمين ومنهم من يدعي اتصال نسبه بنسب الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهم من يدعي قرابته لعمر بن الخطاب من جهة أمه أو أبيه وهذا أمر لا يعنينا، وكلها ألقاب وأوصاف لأناس لا يمتون لهذا الأمة بصلة، ولا يؤلون جهدا في محاربة كل من يحاول اتخاذ هذا الدين نهجا لحياته الخاصة، أما من يسعى لنشر هذا الدين في المجتمع فإنه يختفي في ظروف غامضة وتنقطع أخباره وينسى أثره،والدعوة هنا لعدم استغراب تصرف القس تيري جونز واستهجانه ما دامت هذه الحكومات والأنظمة تمارس أبشع وأقذر مما ينوي هذا القس القيام به.