الجمعة، 14 فبراير 2014

موظفون في البريد يسلمون أنفسهم لهيئة مكافحة الفساد

بيت لحم 2000 – أيمن ربايعة – في الوقت الذي يعاني فيه الكثير من سعاة البريد أوضاعا معيشية صعبة ويتقاضون أجورا متدنية، يختلس موظفون آخرون في البريد الفلسطيني التابع لوزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مبالغ مالية ضخمة، ليكتشف أمرهم في نهاية المطاف ويسلمون أنفسهم لهيئة مكافحة الفساد.
مصادر خاصة في البريد الفلسطيني كشفت لراديو بيت لحم 2000 أن عددا من موظفي البريد سلموا أنفسهم لهيئة مكافحة الفساد، وذلك في أعقاب إختلاسهم لمبالغ مالية ضخمة، وعلى إثر ذلك تم إغلاق مكتب بريد قبلان، جنوب نابلس.
وزارة الإتصالات تنفي
وزيرة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات د. صفاء ناصر الدين وخلال حديثنا معها، نفت إغلاق المكتب بسبب تورط من فيه بقضايا فساد، وقالت: "نحن في وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات وبعد إقرار الموازنة ودراستها، رأينا أن تكون هناك سياسة للتقشف في مختلف المراكز الحكومية، ومكتب قبلان من الممكن أن يتحول الى وكالة بريدية، منها يدر دخلا على قرية قبلان نفسها، ويخفف عن الوزارة مصاريف مكتب بريدي".
وأضافت أن هذا النهج سيتم تطبيقه على جميع المكاتب البريدية في المحافظات، "وسنفحص أي المكاتب يمكننا تحويلها لوكالات بريدية، تخدم مناطقها وتخفف عن كاهلنا عبء مصاريفها".
فساد في مكاتب البريد
وأكدت ناصر الدين المعلومات التي وردت لإذاعتنا عن تسليم بعض الموظفين في البريد أنفسهم لهيئة مكافحة الفساد، بعد اختلاسهم لمبالغ مالية من خزينة البريد، ولا علاقة لهذا الموضوع بإغلاق مكتب بريد قبلان، قائلة: "هذه المعلومات صحيحة، هناك موظفون سلموا أنفسهم للهيئة، ونحن نحقق في هذا الموضوع، لمعرفة مدى دقة هذه المعلومات، بهدف اتخاذ الإجراءات بحقهم".
وأضافت: "شكلنا لجان تحقيق، وقمنا بعمل جرد للحسابات، كما تقوم حاليا بعدة إجراءات في الوزارة، للتأكد من شبهات الفساد وإحالة المتورطين فيها لهيئة مكافحة الفساد، لإتخاذ المقتضى القانوني بحقهم".
وأوضحت أنه حسب تحقيق هئية مكافحة الفساد، والتحقيق الداخلي، تبين أن هناك اوقات مختلفة لحالات الفساد المكتشفة في البريد احدها 2006.
وعن الإجراءات الوقائية الواجب اتخاذها لعدم تكرار قضايا الفساد في الوزارة والبريد، قالت الوزيرة ناصر الدين: "الوزارة اتخذت العديد من الاجراءات الوقائية، منها تشكيل لجان دائمة لجرد الحسابات في كل مكتب، وتم فصل مسؤول الخزينة عن مدير المكتب البريدي، بالإضافة إلى آلية عمل جديدة للرقابة البريدية والإدارية والمالية، التي تم تغييرها لضمان سلامة الإجراءات والإيرادات المالية".
نقاش حاد في إقرار الموازنة حول سعاة البريد
وحول أوضاع سعاة البريد الصعبة ورواتبهم المتدنية، قالت الوزيرة إن نقاشا حادا دار مساء الثلاثاء 4-2-2014 في اجتماع الحكومة المخصص لإقرار الموازنة العامة، فيما يتعلق بقضية تثبيت سعاة البريد الذي يعملون على بند المياومة والعقود والبطالة الموازية.
وأضافت: "طالبت الحكومة بتثبيت هؤلاء، لأن منهم من يعمل في البريد منذ العام 2000 وحتى الآن غير مثبتين، فيجب ان ننصفهم، إلا أن الموازنة أقرت لنا 10 اعتمادات سنويا فقط!".
وأوضحت انها طلبت من رئيس الوزراء متابعة هذا الموضوع، فتعهد بالحديث مع وزير المالية، لكي يتم تثبيت كل سعاة البريد.

من يسلم نفسه للهيئة يعفى من العقوبة
في رد الهيئة على المعلومات التي وردت لإذاعتنا عن تسليم عدد من الموظفين أنفسهم للهيئة بتهم فساد، قال رئيس الهيئة رفيق النتشة خلال حديثه لراديو بيت لحم 2000: "إن قانون هيئة مكافحة الفساد سجّل بوضوح أن كل من سوّلت له نفسه الإعتداء على المال العام، والقيام بأي عملية فساد، وأراد أن يتوب ويتراجع عن هذا العمل، وشعر بالخطأ، عليه أن يتوجه إلى الهيئة يخبرهم بالعمل الذي قام به، والخطأ الذي اقترفه، وبالتالي وحسب نص القانون يعفى من العقوبة".
وقال: "جائنا أحد الأخوة ممن تراجع عن عمله المشين هذا، وهو أخذ أموال بمئات آلاف الشواقل من خزينة البريد، وقدمها للهيئة، وأحضر أهله وأصدقائه، ودفع جزءا من المبلغ، فيما دفع أهله الجزء المتبقي، وتمت تغطية المبلغ المتهم فيه بالكامل".
وأوضح أن ما تبقى هو التأكد من المبالغ المختلسة، ويجري حاليا العمل على ذلك، والخطوة الثانية هي رفع الموضوع برمته للمحكمة، لكي تعفيه –حسب نص القانون- من العقوبة".
الهيئة تشكر الفاسد التائب
وقال النتشة إن الهيئة تقدر لهذا المختلس تسليم نفسه لها، وتشكره على ما قام به، وحرصا على سمعته وسمعة العائلة لم يتم نشره اسمه، "لأن الناس يأخذون بالسلبيات وليس بالإيجابيات".
وأردف: "إلى أن يكون الإعلان بالأسماء لمصلحة المختلس ومصلحة عائلته، وللتأكيد على وطنيته وحسن سيرته وعودته إلى الصواب، سيتم نشر الأسماء في المستقبل، ونكرر شكرنا له، ونطلب من كافة المواطنين الذين أخطأوا، أن يعودوا عن خطأهم، قبل ان تعلم هيئة مكافحة الفساد بقضاياهم، لأنه إذا علمت الهيئة بحالة الفساد قبل التوبة، سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الفاسد حسب الأصول".
من حق الفاسد المحافظة على سرية تعامل الهيئة معه
وأكد النتشة على حق الفاسد في الإحتفاظ بسرية تعامل الهيئة معه، وقال: "لا نفضي بأي معلومات عن المتهمين بالفساد لدينا، ما لم يعترفوا بالتهم الموجهة إليهم، او يدينهم القضاء، وبالتالي لكل المتهمين الحق في الإحتفاظ بسرية التعامل معهم، لأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته".
وعن تأكيد عدد الأشخاص الذين سلموا أنفسهم للهيئة رفض النتشة الحديث مطلقا عن العدد، قائلا: "لا يمكن الحديث عن أعداد المتهمين لأنها قد تزيد أو تنقص في اي لحظة حسب التحقيقات الجارية، فلا جدوى لهذه المعلومات".
"فش عنا كبير وصغير"
ومن بين المعلومات التي وردت لراديو بيت لحم 2000 أن أحد الموظفين الذي سلموا أنفسهم للهيئة، له صلة قرابة بأحد كبار الموظفين في وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وعلى هذا الموضوع علّق النتشة قائلا: "هذا الكلام لا مكان له في قاموسنا، ولا في جدول أعمالنا، فنحن لا نفرّق بين كبير وصغير، وأثبتنا ذلك لجمهورنا في تعاملنا مع كل القضايا التي تصلنا".
وأضاف أنه لا اشكالية في النظر بقضايا الفساد بغض النظر عن وضع المسؤول الفاسد ومنصبه، "المتهم  يبقى متهما وزيرا كان أم مديرا أم غيره، لذلك لا استطيع أن أتحدث عن هذا الموضوع لأنه "فش عنا كبير وصغير".
هل هناك فجوة في قانون مكافحة الفساد؟؟
وقال النتشة إن قانون هيئة مكافحة الفساد يشجع الفاسدين على تسليم أنفسهم للهيئة لضمان النجاة من العقوبة، للحد من حالات الفساد، ولكن إذا ثبت لنا أن الفاسد استفاد من الأموال التي اختلسها، بأي شكل من الأشكال، فكل الفوائد التي يثبت انه استفاد منها تدخل ضمن إطار المبالغ التي يجب إعادتها للخزينة".
وأوضح النتشة أنه حين يتم إكتشاف حالة فساد، يتم الإتصال بالوزير المسؤول، لتحريك لجان الرقابة لديه على كل الأماكن الذي يستلم فيها الموظفون المبالغ مباشرة، للتدقيق في إعادتها او عدم إعادتها إلى الخزينة، وقال: "نتخذ الإجراءات الفورية، لإجراء العلاج اللازم، والوقاية اللازمة، حتى نعرف فيما اذا كان هذا الأمر موجودا في أماكن أخرى، لتجنب تكراره".
وفي النهاية جهود كبيرة تبذل من كافة الجهات في المؤسسات الفلسطينية للقضاء على آفة الفساد المالي والإداري، تلك الآفة التي كانت ولا تزال سببا في سقوط  الدول والإقتصاديات في العالم، وفلسطين كغيرها من هذه الدول تحاول بشتى الطرق مكافحة تلك الآفة، في سبيل تحرير الارض وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق