الجمعة، 14 فبراير 2014

ميسرة العرابيد .. ثاني فلسطيني يشغل منصب "رئيس مجلس طلبة" في بريطانيا

بيت لحم 2000 -  أيمن ربايعة - من يعرف هذا الشاب عن قُرب لن يستغرب أبدا فوزه بجدارة لشغل منصب رئيس "مجلس طلبة الإعلام في جامعة بيرمنجهام" البريطانية.
إنه ميسرة عبد السميع العرابيد، شاب فلسطيني من قطاع غزة، يبلغ من العمر (25 عاما)، درس بجامعة الأقصى في غزة، (تخصص الرياضيات وأساليب تدريسها) وعمل مدرسا لمدة سنة واحدة، ليرى في التدريس مجالا لا يناسبه، مبديا رغبته في التدريس الأكاديمي، ومتوجها إلى مجال العلاقات الدولية والإعلام الإجتماعي، وعمل في قسم العلاقات العامة بجامعة الأقصى لمدة عامين، تمكن خلالها من بناء علاقات جيدة جدا مع مؤسسات محلية ودولية، وبسبب إتقانه اللغة الإنجليزية تطوع في مجال استقبال الوفود الأجنبية والعربية الوافدة إلى قطاع غزة، ويستكمل حاليا دراسته العليا في مجال الإعلام الإجتماعي في جامعة بيرمينجهام البريطانية، وطاف في عدة بلدان حول العالم، كممثل لفلسطين في محافل عدة.
مؤسسة "بال" للربط الأكاديمي مع فلسطين
أسس ميسرة مع عدد من زملائه مؤسسة "بال" للربط الأكاديمي مع فلسطين، منذ 3 سنوات تقريبا، وتمكنوا من جلب العديد من الوفود الأكاديمية إلى قطاع غزة، وتكللت جهودهم بالنجاح.
وقال في حديث لراديو بيت لحم 2000: "بنينا بعض المشاريع بين الجامعات الفلسطينية ونظيراتها في الخارج، من بينها مشروع التوأمة الأكاديمية بين جامعة برادفورد البريطانية والجامعة الإسلامية في غزة، حيث تبرعت الجامعة البريطانية بمنحتين في مجال الدراسات العليا للطلبة الفلسطينيين في الضفة وغزة.
من غزة إلى بريطانيا
ويكمل ميسرة دراسته العليا في جامعة بيرمينجهام بعد حصوله على منحة الفاخورة التي يشرف عليها ويديرها مكتب الامم المتحدة الانمائي، وقد تم اختياره من ضمن الفائزين بمنحة الفاخورة، بعد تجاوزه للمقابلة بنجاح وحصوله على قبول من عدة جامعات بريطانية.
وبمجرد وصوله لبريطانيا، طاف ميسرة مدن بريطانية عديدة، للحديث في لقاءات وفعاليات عن فلسطين والوضع فيها.
ممثل لفلسطين في المحافل الدولية
ويعد ميسرة العرابيد من الشباب الفلسطيني الذي مثّل فلسطين في العديد من المؤتمرات والمحافل الدولية، وعن هذا الموضوع قال لإذاعتنا: "شاركت في العديد من المؤتمرات الدولية، من ضمنها مؤتمر في رومانيا، لكنني لم استطع الخروج من غزة بسبب المعابر، كما شاركت في القمة العالمية الشبابية، حيث تمت المنافسة بين (24) شابا فلسطينيا، وتم اختياري للمشاركة في هذه القمة كممثل لفلسطين، وعقدت القمة في مدينة جوهانسبيرغ في جنوب إفريقيا عام 2013".
كما شارك في مؤتمر للامم المتحدة في جنيف، وفي عدة فعاليات في فرنسا والنمسا.
فاز بالمسابقة الدولية للأصوات الملهمة بالأفلام القصيرة
اهتمامه الشديد بالإعلام الإجتماعي دفعه لتتبع المؤسسات المحلية والدولية، التي ترعى هذا النوع من الإعلام، الأمر الذي جعله يشارك في المسابقة الدولية للأصوات الملهمة، التي تهتم بالأفلام القصيرة، ونظمتها الشبكة الدولية للقيادات الشابة وريادي الأعمال في فنلندا.
ويتحدث الفيلم الذي أعده ميسرة بمساعدة مجموعة من أصدقائه، في التصوير والمونتاج، عن الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون بسبب الأوضاع التي يمرون بها من احتلال وظروف معيشية صعبة، ومدته 3 دقائق فقط.
وقال: "من شروط الفوز بهذه المسابقة هي أولا: يجب الحصول على عدد كبير من المشاهدات على موقع يوتيوب، وثانيا: أن توافق لجنة  التحكيم على الفيلم الخاص بك، واستطعت الحصول على موافقة اللجنة، كما قمت بنشر الفيلم على يوتيوب، وقمت بدعوة الأصدقاء لمشاهدته، والترويج له، حتى وصلت مشاهداته إلى 32 ألف مشاهدة".
ولم يتمكن من السفر إلى فنلندا لتسلم الجائزة، بسبب ضغط العمل والدراسة في بريطانيا، فبعث بمقطع مصور عبّر فيه عن شكره للقائمين على المسابقة، وتحدث فيه ايضا عن معاناة الفلسطينيين في غزة والضفة، "وحاولت أن أبرز التحدي والنجاح رغم الظلم الممارس ضدنا، إذا ما تمت مقارنتنا بالدول المحيطة".
يحصل على درجة عالية في أول بحث له بالدراسات العليا
وقبل ايام قليلة تمت مناقشة بحثه الأول في الماجستير الذي أعده عن الإشاعة وتأثيرها، وقال: "هذا البحث جزء من الدراسات العليا وليس البحث الرئيس، ففي كل فصل هناك أبحاثا يجب إعدادها وتسليمها للأساتذة المشرفين، عوضا عن الإمتحانات، ففي الفصل الأول يجب أن نجري بحثا يجمل كل ما تمت دراسته خلال الفصل، فقمت بإعداد بحث عن "نشر الإشاعة في الإعلام الإجتماعي الفلسطيني"، ولم يتطرق أحد من قبل لهذا الموضوع، تكون لبحث من شق نظري، وآخر عملي، وهو عبارة عن استبيان يحتوي على أسئلة، وخرجت بنتائج مذهلة عن نشر الإشاعة في الإعلام الفلسطيني، وحللت النتائج كميا ونوعيا، وسأنشرها قريبا".
ويتم مناقشة هذه البحوث من شخصين: مصحح داخلي، هو من يدرسهم المواد الأكاديمية في الجامعة، ومصحح خارجي، ويتم منحهم الدرجات والمراجعات، "وبحمد الله حصلت على درجة عالية".
ثاني طالب فلسطيني يتسلم منصب "رئيس مجلس طلبة" في بريطانيا
وبعد هذه الجهود، والمثابرة على العمل، يتقدم ميسرة مع عشرات الطلبة الآخرين في الجامعة، ومن جسنيات وعرقيات مختلفة، للمنافسة على شغل منصب رئيس إتحاد طلبة الكلية التي يدرس فيها، "وبالفعل بعد إعلان الجامعات عن فتح باب التسجيل لتمثيل الطلبة في مجالس الكليات، ومجلس الطلبة العام، دخلت في منافسة مع الطلبة، وتم اختياري لرئاسة مجلس طلبة الإعلام في الجامعة، وممثلا عنهم في مجلس الطلبة العام".
وعن طبيعة هذه المنافسة وأسس الإختيار قال ميسرة: "يتم تقديم طلبات تستوفي الشروط، ويجب أن يكون لديك خبرات، ومشاركات في مؤتمرات للعمل الطلابي، ثم تدخل إلى مقابلة مع ممثلين عن مجلس الطلبة، وعمادة الطلبة، وفي هذه الجلسة، يسألونك العديد من الأسئلة، وعليك أن تظهر استراتيجيتك وخبرتك في المجال الذي تختصه، كما يجب عليك إبراز شخصيتك القيادية، وأساليبك في العمل مع الفريق، ومن خلال هذه المنافسة يتم الإختيار، وقد  وقع الاختيار عليّ".
ويعتبر ميسرة العرابيد ثاني طالب عربي فلسطيني يتسلم مثل هذا المنصب في بريطانيا، سبقه إليه طالب فلسطيني آخر من غزة، وهو خالد المدلل، قبل حوالي 6 سنوات، ولم يتسلم أي طالب عربي من قبل منصبا كهذا في تاريخ الجامعات البريطانية.
وعبر عن شعور غريب انتابه عندما تم اختياره لشغل هذا المنصب الذي لم يصله أي عربي من قبل، "شعور لا يوصف عندما تجلس مع العديد من الطلبة، وتقدم اقتراحاتك ويستمعون إليك، ويتم الموافقة عليها، وتدير الجلسات بنفسك، وترفع التوصيات للرئيس الجامعة، وهذا بالفعل يحسب للدول المتقدمة في احترامها للإنسان بغض النظر عن عرقه وجنسه ولونه".
الفرق بين التعليم الفلسطيني والتعليم في بريطانيا
ميسرة العرابيد يحمل شهادة البكالوريوس من غزة، ويدرس الماجستير حاليا في بريطانيا، وبين غزة وبريطانيا فروق شاسة في شتى المجالات، من بينها التعليم، وعنه قال: "كطالب من قطاع غزة، لدينا مناهج نوعا ما مرتبطة بالمناهج العالمية، وبعض الأساتذة الذين تخرجوا من جامعات أوروبا، مازالوا يتابعون لكل شيء جديد، ومن ضمن المشاكل التي تواجه التعليم الجامعي في فلسطين: عدم استقلالية الطالب، بمعنى أن الطالب الفلسطيني يرتبط بمقرر واحد لكل مادة دراسية، ولا يكلف نفسه بالبحث والتحري عن المعلومات الإضافية خارج هذا المقرر، على العكس في بريطانيا، حيث لا وجود لمقرر وحيد للمادة، بل عدة مراجع وكتب، ويستطيع الطالب الإستزادة من العلم كما يشاء، وثانيا الإمتحانات والأساليب القديمة في وضعها وتصحيحها".
وعما اذا كان العامل المادي يشكل عائقا أمام الطالب الفلسطيني لإكمال دراسته، قال ميسرة العرابيد: "بالتأكيد الجانب المادي مهم جدا، ولكن يجب على الطالب بذل الجهد للتفوق، فبمجرد الحصول على مجموع علمي مرتفع، يستطيع الطالب الحصول على منحة دراسية قد تغطي كافة المصاريف المطلوبة لاستكمال المرحلة الجامعية".
الإعلام الفلسطيني يخاطب نفسه فقط
وبما أن ميسرة العرابيد يدرس الماجستير في الإعلام الإجتماعي، تطرق إلى دور الإعلام الفلسطيني في التأثير بالرأي العام العالمي، قائلا: "للاسف الشديد الإعلام الفلسطيني يخاطب نفسه فقط، ولا يخاطب المجتمع الدولي، الإشكالية في أوروبا أن الإحتلال يسيطر على الإعلام الأوروبي بشكل كبير، ويستطيعون توجيه الرأي العام لصالحهم، في حين نفتقر نحن إلى الخطاب الإعلامي المقنع، عدا عن دراءة اللغة الإعلامية المستخدمة لمخاطبة الغرب –إن وجدت- كما يتم نشر روية الفلسطينية تضر بصورتنا لدى الرأي العام العالمي، لربما دون قصد منا، او بغباء القائمين على الإعلام لدينا".
وأضاف: "لدى الإحتلال تجد العديد من الناطقين باسمه، يتحدثون العربية، والإنجليزية، والعبرية، ولديهم القدرة على قلب الحقائق ونقل الرواية الإسرائيلية باحتراف، بينما تجد الناطق الفلسطيني لا يجيد استخدام اللغة، والمصطلحات اللازمة، وإن كان متقنا للغة الإنجليزية، عدا عن افتقارنا للإعلام الرسمي او الخاص الموجه للغرب".
وقال: "استطعنا في السنوات الثلاث الأخيرة نوعا ما، التأثير في الرأي العام الأوروبي عبر استخدام وسائل الإعلام الإجتماعية، ولكن إلى حد هذه اللحظة لدينا قصور في هذا المجال، وعدم معرفة في كيفية استخدام الإعلام الإجتماعي بطريقة فعالة، في أوروبا".
كما أشار إلى ضعف الإعلام الفلسطيني في استخدام الفيديو، وخاصة في الإعلام الإجتماعي، "لما له من أثر كبير على الرأي العام في أوروبا، وخاصة المقاطع القصيرة، التي توصل الرسالة بأقل عدد من المشاهد والكلمات".
"ما زلت في بداية الطريق"
طموحات ميسرة تكاد تعانق السماء، فما زال يعتبر نفسه رغم كل هذه النجاحات في بداية الطريق، ويسعى إلى ما يصبو إليه بخطى ثابتة، "لم أصل إلى ما أصبوا إليه، وإذا ما وصلت إلى ما أريد فسأعمل على خدمة شعبي ورعاية مصالحه".
وفي ختام حديثه وجّه رسالة إلى الشباب الفلسطيني مفادها أن الوحدة هي اساس كل شيء، "فالإعلام البريطاني يتشكل من مئة ألف ملّة، ولكن عندما تُمس مصلحة بلده يصبح ملة واحدة، لأن الوطن هو الاساس، على عكس إعلامنا الذي يهاجم الوطن، ولا يجوز استخدام الإعلام في شيطنة بعضنا البعض، ونشر الإشاعات والتضليل الإعلامي".
ولمستمعي راديو بيت لحم 2000 كان لهم نصيب من حديث ميسرة العرابيد، حيث أعرب عن أمله في زيارة مهد المسيح، "الذي نفخر امام العالم أنه فلسطيني" مدينة السلام (بيت لحم) والإلتقاء بأهلها، متمنيا في الوقت نفسه التوفيق والمحبة لمستمعي الإذاعة".

هناك 3 تعليقات: