الاثنين، 27 ديسمبر 2010

اسرائيل تقرع طبول الحرب في الذكرى الثانية للحرب على غزة / بقلم: أيمن ربايعة


    لا تزال صور القتل والدمار وشظايا قنابل الفسفور الأبيض ماثلة في أذهان الغزيين والعالم بأسره في الذكرى الثانية للحرب الاسرائيلية الظالمة على قطاع غزة التي راح ضحيتها ما يزيد عن الف وخمسمائة شهيد وأكثر من خمسة ألاف جريح، فكيف لمن بترت ساقه أو فقئت عينه ان ينسى ما تعرض له من إعاقة ستلازمه ما بقي من حياته؟؟؟ حرب كان لها الأثر الكبير على حياة الفلسطينيين في القطاع ولم تؤثر قط على عزيمتهم وهمتهم، بل زادت في إيمانهم بعدالة قضيتهم ورسخت مبدأ مقاومة الاحتلال في عقولهم، فأصبحوا لا يؤمنون بالسلام مع عدو ينشغل كل الوقت في وضع خطط للحرب والقتل والدمار.
تمر ذكرى الحرب هذه الأيام متزامنة مع توتر يسود على الحدود مع قطاع غزة في الآونة الأخيرة، فلا يكاد يمر يوما دون ان نسمع عن قصف هنا وانفجار هناك، وشهيد هنا وجريح هناك، حتى ظن البعض ان غزة ما زالت تعيش الحرب  فهي تحت قصف إسرائيلي بين فترة وأخرى.
 حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة تلمح الى قرب شن حرب جديدة على قطاع غزة هي بطبيعة الحال ستأكل الأخضر واليابس وتنهي سيطرة حركة حماس على قطاع غزة على حد تعبير قادة الاحتلال، فإسرائيل ومن خلال هذه التصريحات التي ترددت على ألسنة العديد من المسؤولين الإسرائيليين ترسل برسالة الى أهل القطاع مفادها  انه لا يحق لكم العيش بأمان في بيوتكم ولن تنسوا مشاهد القتل والدمار ما دمتم جيران لنا، كما تبعث لكل من يحاول الوقوف الى جانب هذا الشعب انه لن يستطيع أبدا مساعدته أو التدخل في شؤونه ما دامت اسرائيل موجودة، وخير دليل على ذلك تلك الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات البحرية الاسرائيلية ضد أسطول الحرية لكسر الحصار عن القطاع في أيار مايو الماضي، وما عززها أكثر تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي المتطرف افيغدور ليبرمان بالأمس حين وصف مطالبة تركيا لإسرائيل بالاعتذار عما ارتكبته بأنه وقاحة وأكثر من وقاحة، من الذي يمارس الوقاحة السياسية والعسكرية؟؟؟ ومن يعتبر نفسه فوق القوانين والشرائع الدولية؟؟ تركيا ام اسرائيل؟؟
هذه العنجهية الاسرائيلية المتنامية هي نتاج طبيعي لضعف واضح وملموس في الموقف العربي والفلسطيني، ففي حين انشغل العرب بقضاياهم الداخلية من انتخابات برلمانية واحتجاجات عمالية وغيرها، ينشغل الفلسطينيون بالمصالحة وحشد الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقبلية وهو اعتراف لا يسمن ولا يغني من جوع بدليل ان دول العالم كلها اعترفت بالدولة الفلسطينية حينما تم الإعلان عنها في أواخر ثمانينيات القرن الماضي دون ان يحقق هذا الاعتراف قيام الدولة على ارض الواقع، وما هو ظاهر للعيان ان اسرائيل ستستغل هذه الظروف والأجواء السائدة لشن حرب جديدة على قطاع غزة دون ان يمنعها احد أو يعارضها لا بل يمكنها ان تحصل على تأييد العديد من الأطراف في المنطقة التي يعرف عنها تواطئها مع الاحتلال.
تلك الحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة ستبقى وصمة عار في جبين العالم المتحضر الذي يدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان، كما ستبقى علامة على خذلان العرب وجيوشهم للشعب الفلسطيني، فما زلنا نسمع الاستنكار العربي لما تقوم به اسرائيل دون ان نرى أي تحرك فعلي لوقف هذه الأفعال، لذلك فحرب غزة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة وهو ما لن يغير أبدا تلك المواقف العربية الباردة تجاه القضية الفلسطينية التي لم تعد تتصدر رأس سلم أولوياتهم.
أيمن ربايعة – صحفي فلسطيني

الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

الولايات المتحدة وإسرائيل...من يأتمر بأمر الآخر؟؟؟/ بقلم : أيمن ربايعة


     بعد إعلان الولايات المتحدة عن عدم مطالبتها لإسرائيل بتجميد الاستيطان في الأراضي المحتلة، ها هي اسرائيل تنفذ مخططاتها وتثبت للعالم اجمع ان كلمتها هي التي تسمع في البيت الأبيض وليست كلمة أي طرف أخر، فالولايات المتحدة ماانفكت في الآونة الأخيرة تطلق تصريحاتها عن تقدم تشهده عملية السلام وعن قرب انفراج أزمة المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وكان أخرها تصريحات لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تعلن فيها عن تقدم ملموس سيلحظه كل من له علاقة في عملية السلام، حتى جاءت التصريحات الأخيرة لتنسف كل فرصة للسلام مع اسرائيل، ولتضع علامة استفهام كبيرة جدا على دور الولايات المتحدة كوسيط للسلام، هذا الوسيط الذي لم يكن نزيها في يوم من الأيام، وكان يعلن دعمه لإسرائيل جهارا نهارا، ومع ذلك بقي الطرف الفلسطيني متمسكا بالولايات المتحدة كوسيط لغياب من يلعب دورا ملموسا في عملية السلام، فالاتحاد الأوروبي ترك هذا الدور لحساسية علاقته مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية، وروسيا مشغولة بالعديد من القضايا أهم من القضية الفلسطينية بالنسبة لها، والضعف الواضح في الموقف العربي وغياب أو بالأحرى تغييب أوراق الضغط العربية، وهذا ما اوجد لاعبين جدد على الساحة في الشرق الأوسط أبرزهم تركيا وإيران.
تخلي الولايات المتحدة عن دورها في عملية السلام يفتح الباب على مصراعيه أمام اسرائيل للمضي قدما في خططها الاستيطانية وتهويد القدس ونهب الأرض الفلسطينية التي يأمل الفلسطينيون بإقامة دولتهم الحلم عليها، ويترك القيادة الفلسطينية وحيدة أمام كل التحديات التي تواجهها بسبب سياساتها غير المدروسة، والاتكال على عدالة القضية الفلسطينية لاستمالة الرأي العام العالمي لنصرة الشعب الفلسطيني في حين غفلت عن الجهد الكبير التي تبذله اسرائيل في إقناع العالم بسياساتها وقد نجحت في ذلك، وما قرار واشنطن الأخير الا دليل على نجاحها.
ما هو واضح للعيان ان تسريبات ويكيليكس هي أداة ضغط استخدمتها اسرائيل ضد الولايات المتحدة لثنيها عن مطالبتها بوقف الاستيطان، وهذا ما يمكننا تلمسه من خلال تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حيث قال ان اسرائيل لن تتضرر من وثائق ويكيليكس، فمن أين لنتنياهو كل هذه الثقة؟؟.... بالفعل لم ينشر هذا الموقع أي وثائق من شأنها إثارة الجدل ضد اسرائيل وسياساتها ...أيعقل ان الدبلوماسيين الأمريكيون لم يتحدثوا للإسرائيليين عن أي شيء له علاقة بالأوضاع في الشرق الأوسط؟؟
هدف اسرائيل من هذه التسريبات هو إحراج الولايات المتحدة مع أصدقائها وحلفائها، وكذلك خلق فتنة عربية عربية، وتسليط الضوء على إيران، وإظهارها وكأنها العقبة الكبرى في طريق الاستقرار في الشرق الأوسط، وإثارة الفوضى وجعل العالم يلتفت الى قضايا أخرى وإبعاد الرأي العام عما يحدث في الشرق الأوسط، ووضع جوليان اسانج مؤسس ويكيليكس واجهة تختبئ وراءها اسرائيل، وهنا يمكننا ان نعرف من يأتمر بأمر الآخر.
ما دامت الإدارة الأمريكية قد تخلت عن دورها في عملية السلام، فعلينا نحن كعرب ان نعيد النظر في خياراتنا وان نضع برنامجا للمقاومة من شأنه ان يجعل من مواقفنا أكثر قوة، ويضع الجميع أمام التزاماته، وان نستخدم العديد من الأسلحة للضغط على الإدارة الأمريكية وإسرائيل وعلى رأسها النفط، فسياسة الاستجداء وطلب المساعدة لم تعد تنفع، والسلام لا يصنعه الا الأقوياء وليس هناك اليوم اضعف منا، لا لنقص في مواردنا البشرية والمادية وإنما لعجزنا عن تسخير هذه الموارد في خدمة قضيتنا العادلة، وإقناع العالم بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم ونيل حريتهم.
أيمن ربايعة – صحفي فلسطيني

الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

بعد فضيحة ويكيليكس...يا جاري أنت بحالك وأنا بحالي / بقلم : أيمن ربايعة


    من بين الكم الهائل من الوثائق السرية التي نشرها موقع ويكيليكس أثارت العديد من الوثائق التي تخص العرب جدلا واسعا في العالم العربي بشكل خاص والعالم بشكل عام، حيث كشفت تلك الوثائق عن مدى التواطؤ العربي مع الولايات المتحدة وحلفائها ضد إيران، وحث تلك الدول على ضرب المنشآت النووية الإيرانية في خطوة من شأنها ان توقف الملف النووي الإيراني المثير للجدل، هذه الوثائق أظهرت كذلك كذب هؤلاء الزعماء الذين يدعون بأنهم يحرصون على علاقات طيبة مع دول الجوار وخصوصا إيران، فما كان منهم الا ان نفوا ما ورد في هذه الوثائق متهمين مؤسس موقع ويكيليكس بإثارة الفتنة وخلق اجواء متوترة، أما الرد الإيراني على تلك الوثائق فقد جاء مفاجئا للجميع حيث هاجمت إيران القائمين على الموقع وقالت ان العرب لا ولن يكونوا طرفا ضد إيران، ولكن هذه التصريحات تخفي ورائها نوايا أخرى قد تتكشف في المستقبل وسيكون لها اثر بالغ على العلاقات الإيرانية العربية، إما ان تسوء هذه العلاقة او تصاب بالفتور، ليكف بعدها كل من العرب وايران عن التدخل في شؤون بعضهم البعض او مجرد الحديث بما يخصهم، او بإختصار (يا جاري انت بحالك وانا بحالي) وهذا ما ظهر جليا في تعليق امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حيث قال ان ايران تكذب علينا ونحن نكذب عليها، وهنا يطرح السؤال..هل هذه العلاقة بين العالم العربي وإيران صحية وسليمة؟؟؟
كما أظهرت بعض الوثائق المنشورة أيضا هشاشة العلاقات العربية - العربية، ففي احدى الوثائق قال أمير قطر ان الرئيس المصري حسني مبارك يكرس جل اهتمامه في كيفية توريث منصبه الى نجله الأصغر جمال مبارك، وقال أيضا ان مبارك يعتاش على القضية الفلسطينية من خلال عرقلته لجهود السلام لكي يضمن تدفق الأموال الأمريكية إليه بصفته شريكا في عملية السلام، بالأمس القريب كان الرئيس المصري في زيارة رسمية الى العاصمة القطرية الدوحة وأشاد بالعلاقات المصرية القطرية واكد ان هذه العلاقات شابها بعض الشوائب لكن الاتصالات لم تنقطع أبدا بين القاهرة والدوحة مفاخرا بمتانة هذه العلاقة، لتأتي هذه الوثائق بما لا يشتهيه قطر، أما العراق فقد كان له نصيب من تلك الوثائق التي كشفت ان مبارك نصح الأمريكيين بأن يكفوا عن نشر الديمقراطية في العراق بذريعة ان العراقيين قساة بطبيعتهم ولا تناسبهم الديمقراطية، وهنا ظهر الرئيس المصري وكأنه يمارس الديمقراطية بكل حذافيرها، ويعيش حالة من الاستقرار السياسي في بلاده، وقد نسي أو تناسى انه يفرض قانون الطوارئ على المصريين منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود.
وثائق ويكيليكس فضحت ازدواجية المواقف لدى الدول العربية، وخداع الشعوب الذي كان يمارسه هؤلاء الزعماء، وسعيهم الدءوب لإرضاء الولايات المتحدة والمحافظة على علاقات متينة معها على حساب علاقاتهم بين بعضهم البعض وبين جيرانهم من الدول المحيطة، كما ان هؤلاء الزعماء يؤمنون حق الإيمان ان مصيرهم بيد الإدارة الأمريكية ولهم في الرئيس العراقي الراحل صدام حسين اكبر عبرة، ولكن ما هو واضح ان هؤلاء الزعماء لا يريدون الاقتناع بأن الولايات المتحدة لا صديق لها في المنطقة سوى اسرائيل، وان كانت تتودد إليهم فقط لتستحوذ على ما لديهم من ثروات ومقدرات وعلى رأسها النفط العربي.
وثائق ويكيليكس ستلقي بظلالها على العلاقات بين العديد من الدول والولايات المتحدة فترة غير وجيزة، لما لها من آثار كبيرة على مستقبل تعامل تلك الدول مع الدبلوماسيين الأمريكيين، فالحذر سيكون سيد الموقف من الان فصاعدا، ويجب على كل من ورد ذكره في هذه الوثائق ان يأخذ العبرة منها، كما ان على العرب ان يغيروا من سياستهم، وخصوصا تلك الثقة الكبيرة بالإدارة الأمريكية وان لا ينخدعوا بما تقدمه لهم، وعليهم ان يعلموا ان الولايات المتحدة تستفيد منهم أكثر بمائة مرة مما يستفيدون هم منها، وان يتخذوا من شعوبهم وأمتهم عمقا استراتيجيا يجعل من موقفهم أكثر صلابة وحكمة.
أيمن ربايعة – صحفي فلسطيني

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

بالقانون الجديد....القدس والجولان تحت الاحتلال الأبدي / بقلم : أيمن ربايعة.

 قانون عنصري جديد لا يقل خطورة عن القوانين العنصرية السابقة، يقره الكنيست الإسرائيلي ويقضي بإجراء استفتاء شعبي حول الانسحاب من القدس الشرقية المحتلة والجولان العربي السوري المحتل في إطار أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين أو السوريين، تأتي هذا الخطوة في خضم الحديث الأمريكي عن تجميد الاستيطان في الضفة الغربية لمدة 90 يوما مقابل حزمة من الامتيازات والمكافآت الأمريكية تجعل من استئناف المفاوضات أمرا يثير السخرية، لان الجانب الإسرائيلي وعلى لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -  والذي بدوره صوت لصالح القانون الجديد -  أكد على أن هذه المفاوضات لن تتناول ملف الحدود الدائمة أي أننا سنتفاوض من اجل التفاوض ولتضييع المدة الزمنية المعلنة، لربما يختلف الجانبان على مكان انعقاد الجولة الأولى ليستغرق ذلك وقتا هو بطبيعة الحال في صالح إسرائيل.
من خلال هذا القانون ترسل إسرائيل برسالة الى العالم اجمع أنها لا ولن تنسحب من القدس ولا حتى الجولان وهذا ما هو حاصل على ارض الواقع، فمسلسل تهويد القدس ما زال مستمر حتى هذه اللحظة وقد أقرت الحكومة الاسرائيلية مؤخرا خطة لتوسيع ساحة البراق الملاصقة للجدار الغربي للمسجد الأقصى في خطوة تهدف الى ترسيخ الوجود اليهودي غير الشرعي في مدينة القدس، كما أنها تصر على أن القدس لا تدخل في نطاق أي تجميد مستقبلي للاستيطان وهذا هو سبب الخلاف مع الإدارة الأمريكية حول حزمة الامتيازات، حيث تصر الإدارة الأمريكية على تجميد الاستيطان في كل الأراضي المحتلة عام سبعة وستين، أما الجولان فهذا المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية لإسرائيل لا يمكنها التخلي عنها لأنها تمثل عمقا إسرائيليا في سوريا ومن خلالها تستطيع إسرائيل أن تضرب مواقع سورية حساسة، وكذلك للحفاظ على المياه في بحيرة طبريا التي ترفض إسرائيل أن يشاركها فيها أي طرف آخر.
ما تزال إسرائيل تقر قوانين عنصرية تستهدف الوجود العربي في القدس المحتلة، وتسعى دائما الى تغيير طابعها العربي الإسلامي، على الرغم من إقرار العالم كله بأن القدس مدينة محتلة يتوجب على إسرائيل الانسحاب منها أو التوصل الى اتفاق سلام دائم مع الفلسطينيين حولها، هذه القوانين أن دلت على شيء فإنما تدل على تعنت إسرائيل وضربها عرض الحائط بكل القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، وسعيها الدائم الى عرقلة أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين وخلق واقع جديد من شأنه أن يطيل أمد الاحتلال للقدس ومناطق عربية أخرى ، وهذا كله بدعم من الإدارة الأمريكية التي ترزح تحت ضغوط اللوبي الصهيوني وجماعات الضغط اليهودية الأخرى في الولايات المتحدة.
إسرائيل ومن خلال تلك القوانين تظهر اهتماما كبيرا بالقدس وتهويدها والتغيير الديموغرافي فيها، بينما نشهد تقاعسا عربيا تجاه هذه المدينة، فليس هناك من خطوات عربية من شأنها أن توقف إسرائيل عما تمارسه في القدس، كما أن التحرك العربي في المؤسسات الدولية لاطلاع العالم على ما تقوم به إسرائيل في القدس وغيرها ضعيف جدا مقارنة بالدور الكبير الذي تلعبه إسرائيل في إقناع العالم من خلال محافل دولية عدة بحقها في مدينة القدس، كما تسعى وبكل جهدها الى الحصول على اعتراف من بعض الدول بالقدس عاصمة موحدة لها، ويبقى السؤال هنا متى سيضع العرب مدينة القدس على سلم أولوياتهم؟؟ ومتى سيسعون بكل قواهم لتحريرها وإعادتها الى محيطها العربي؟؟
أيمن ربايعة – صحفي فلسطيني

الخميس، 11 نوفمبر 2010

في الذكرى السادسة لرحيل ياسر عرفات.....من سيء لأسوء/ بقلم : أيمن ربايعة

     ست سنوات مرت على رحيل الرمز ياسر عرفات، وحال الفلسطينيين في تراجع مستمر، صف وطني يعاني الانقسام والذي يعد من أعظم الكوارث التي حلت بالشعب الفلسطيني، ونقطة ضعف تحتاج لسنين طويلة حتى يزول تأثيرها السلبي على القضية الفلسطينية، هذا الانقسام الذي استغلته إسرائيل (العدو الوحيد للشعب الفلسطيني) بطريقة مثلى استطاعت من خلاله تمرير سياساتها ورؤيتها الى العالم، أما على الصعيد العسكري فقد شنت حربا شعواء على قطاع غزة راح ضحيتها الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ والرجال، فلولا الانقسام لما تجرأت إسرائيل على شن مثل هذه الحرب.
تخبط يسود أركان القيادة الفلسطينية، لأنها واقعة بين نار التمسك بالثوابت الوطنية الشرعية للشعب الفلسطيني ونار العزلة والضغوط الدولية في ظل ضعف الموقف العربي وعدم قدرته في التأثير على صانع القرار العالمي، تلك القيادة التي تخلى عنها العرب إلا من دعم شكلي عبر وسائل الإعلام، تفتقد لحنكة وسياسة ياسر عرفات التي كانت مثالا على قوة الموقف الفلسطيني واستقلالية قراراته التي أصبحت في وقتنا الحاضر مرتهنة بالمنح والمساعدات الأوروبية والدولية، فلم يكن عرفات يأبه بضغوط الإدارة الأمريكية لأنه كان يتخذ من الشعب الفلسطيني القاعدة الأساسية والعمق الاستراتيجي لكل تحركاته السياسية، ولم يسلك يوما ما طريقا يخالف مبادئه وأسسه، وظل متمسكا في حق شعبه بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الى أن رحل.
ما هو ظاهر للعيان أن ذكرى رحيل عرفات لم تحفزنا بما فيه الكفاية للعمل بكل جد واجتهاد لإنهاء الاحتلال الذي اراد لهذا الشعب الرضوخ لأوامره السياسية والخضوع لهيمنته العسكرية،  ولم تحرر القدس ولم تقام الدولة التي أعلنها ياسر عرفات من الجزائر في أقصى المغرب العربي، وشيئا فشيئا يتضاءل الأمل لدى المواطن الفلسطيني من قرب التوصل الى حل عادل وشامل لقضيته التي حملها عرفات والشرفاء من الشعب الفلسطيني على كاهلهم ولم يأل جهدا في الدفاع عنها وتبيانها للعالم اجمع، وجعلها من القضايا التي ذات الأولوية على المسرح السياسي الدولي.
ذكرى رحيل ياسر عرفات يجب أن تكون المحرك الأقوى للشعب الفلسطيني وقيادته الى مقاومة الاحتلال وغطرسته وعدم الاستسلام والتنازل عن ثوابت ضحى في سبيلها كثير من الفلسطينيين بأرواحهم وعلى رأسهم ياسر عرفات، في ذكرى رحيله يجب أن نتوحد ونتكاتف ونرص صفوفنا للوقوف في وجه الظلم الإسرائيلي المعزز بالدعم الدولي الذي رضي لنفسه أن يقف الى جانب الباطل في سبيل مصالحه وأهدافه المادية الرخيصة، ، في ذكرى رحيله يجب التفكير مليا في القدس وأحوال القدس وسبل دعم أهلها الذين يشكلون بصمودهم صمام الأمان للمدينة المقدسة لأنهم هم من يحافظون على وجهها  العربي الإسلامي، في ذكرى رحيل عرفات يتوجب علينا المحافظة على استقلالية قراراتنا المصيرية وعدم الاكتراث بالضغوط التي يمارسها حلفاء إسرائيل مادمنا نثق بشعبنا وبقدرته في الثبات على مبادئه وقيمه، وقدرته على مقاومة الاحتلال بشتى السبل، لقطع الطريق على كل من يريد النيل من إرادة هذا الشعب الساعي الى الحرية والاستقلال.

الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

تحياتي لآرثر بلفور..../ بقلم: ايمن ربايعة


    سمعنا الكثير وتحدثنا مطولا عن وعد بلفور المشؤوم الذي قدم فلسطين قربانا لليهود ليقيموا دولتهم، وقد أوفى المدعو بلفور بوعده، إذن ما فائدة الحديث عن وعد بلفور ومساؤه وآثاره؟؟ ما دام العرب قد أعطوا لإسرائيل أكثر مما أعطاه بلفور.
ليس هناك من ضغوط تستطيع الدول العربية والإسلامية ممارستها على إسرائيل، بل هناك مكافآت تقدمها لها بغية إرضاء الإدارة الأمريكية، فمصر تبيع الغاز الطبيعي لإسرائيل بأبخس الأثمان بينما تمنع دخوله الى قطاع غزة، ليبق الغزيون تحت رحمة الاحتلال، وذلك تنفيذا لأوامر أمريكية وإسرائيلية عليا، والبضائع الاسرائيلية معفاة من الضرائب الأردنية بحجة تشجيع الاستثمار تارة واتفاقية وداي عربة تارة أخرى، وغيرها الكثير من الدول العربية التي تتعاطى مع إسرائيل من تحت الطاولة ضاربة بعرض الحائط كل الأبعاد السياسية والأخلاقية للقضية الفلسطينية التي هي محور الصراع العربي الإسرائيلي، مما عاد بالضعف على الموقف الفلسطيني أمام تعنت إسرائيل.
الفلسطينيون ومنذ أن صدر وعد بلفور وهم يستجدون القوي والضعيف في هذا العالم الذي لا يفهم سوى لغة المصالح، فهذا يعلن دعمه الكامل لنا وأخر يتبرع ببعض المال، ولكن دون أن يغير ذلك من الواقع المرير المتمثل في ضياع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعيش بحرية وكرامة مثله في ذلك كمثل الشعوب الأخرى في العالم، وفي بعض الحالات تقدم المساعدات للشعب الفلسطيني لقاء تقديم تنازلات من الطرف الفلسطيني.
يمكننا القول بأن وعد بلفور جاء كإلتزام بريطاني تجاه اليهود إبان الحرب العالمية الأولى، ليس غزلا في اليهود وإنما كسبيل للتخلص منهم وإبعادهم عن أوروبا، واستخدامهم كيد تبطش بها الدول الاستعمارية كل من يحاول من دول المنطقة أن يحيد عن الخط الذي رسم له، والسؤال هنا لما لا تقطع الدول العربية والإسلامية على نفسها وعدا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإعادة حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة منذ عقود على غرار وعد بلفور، ألا يحتم الواجب القومي والإنساني على العرب الإقدام على مثل هذه الخطوة؟؟
خطوة بلفور هذه التي كانت تحظى بدعم الملك والحكومة البريطانية، والعديد من الأطراف الأوروبية آنذاك، استحق عليها الشكر والثناء من الأوروبيين جميعا، فهو بالنسبة لهم المخلص، لأنه قد خلصهم من معضلة كبيرة وهم ثقيل، قض مضجعهم لقرون طويلة، ألا وهم اليهود، لأنهم سبب كل خلاف وكل حرب في أوروبا، فكانوا يحلقون الضرر بالمجتمعات الأوروبية كما يضر السرطان بالجسد، لان نفسيتهم عدوانية وتشتهي العنف وتحب القتل وتهوى الدمار، لذا أقدم هتلر على إبادتهم إبان الحكم النازي في ألمانيا وتعرضوا للتشريد في أوروبا الشرقية وروسيا وغيرها من البلدان الأوروبية.
تخلصت أوروبا من اليهود ليقتصوا منا نحن الفلسطينيين، متذرعين بالتوجيهات التوراتية، فلم تعاني منهم أوروبا كما عانينا منهم، ولم تتحملهم كما تحملناهم، ولكن سيأتي اليوم التي تلفظهم فيها هذه الأرض كما لفظهم العالم، فالصليبيون احتلوا هذه الأرض ما يقارب من المائة عام وفي النهاية هزموا شر هزيمة، لان هذه الأرض لا يعمر فيها ظالم، وسيعود الحق الى أصحابه، فعسى أن يكون قريبا.
أيمن ربايعة – صحفي فلسطيني

الأحد، 10 أكتوبر 2010

القمة العربية...سلاح اثبت فشله / بقلم : أيمن ربايعة


    قمة عربية استثنائية تعقد في مدينة سرت الليبية في التاسع من تشرين أول/ أكتوبر الحالي لبحث تطوير منظومة العمل العربية واتخاذ موقف عربي من استمرار المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، ولعل هذه القمة تأتي بشيء دون القمم التي عقدت في السابق والتي لم يستفد منها العرب شيئا، وكل قمة تعقد فأنها تخرج بلائحة طويلة من التوصيات والقرارات الفارغة من أي مضمون، والتي تفتقر لوسائل التنفيذ المطلوبة، وما أن يعود الزعماء كل الى بلده حتى يتنصلوا مما اتفق عليه في الجلسة الختامية للقمة.
سئم الشارع العربي هذه القمم التي تعقد كل عام ليجتمع فيها الزعماء وينزلون في الفنادق الفخمة ويتناولون أطايب الطعام ويكلفون ميزانيات بلادهم الملايين من الدولارات لكي يستمعوا لتلك الكلمات المعدة مسبقا والتي لا تأتي بجديد وقد يلقي احدهم كلمة كان قد ألقاها في العام الماضي، فتارة يدعون أنفسهم الى قمة اعتيادية أو استثنائية وتارة أخرى يدعون أنفسهم الى قمة طارئة كالتي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة في السادس عشر من كانون الثاني/ يناير عام ألفين وتسعة، تلك المهزلة التي راح الزعماء العرب يتعازمون فيها لعقد قمة أطلقوا عليها اسم (قمة غزة الطارئة) لبحث الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة آنذاك وراح ضحيتها أكثر من ألف وخمسمائة شهيد فلسطيني وآلاف الجرحى، فهذا الزعيم يؤكد حضوره وذاك لن يحضر، بعد شد وجذب عقدت هذه القمة بعد ما يقرب من عشرين يوما على بدء الحرب، قمة طارئة تقعد بعد عشرين يوما من موعدها!!! فما بالكم بالقمة الاعتيادية؟؟
تمسك العرب بالسلام كخيار استراتيجي ووحيد لحل القضية الفلسطينية ينم عن تخاذل عربي ففي حين نتمسك بالسلام تقعد إسرائيل الصفقات لشراء احدث منظومة عسكرية عرفتها البشرية وكان أخرها صفقة طائرات الشبح أف 35 مع الولايات المتحدة بما يقرب من ثلاثة مليارات دولار والتي ستتسلم بموجبها إسرائيل عشرين طائرة من هذا النوع والقادرة على  الوصول الى إيران دون الحاجة الى التوقف والتزود بالوقود، بهدف المحافظة على تفوق إسرائيل عسكريا والتحضير لضربة منتظرة لإيران، فبين فترة وأخرى يعقد المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي اجتماعا لبحث الوضع الأمني في إسرائيل والمنطقة والخروج بقرار مفاده على من ستشن الحرب في المستقبل؟؟.
المراقب للوضع العربي يرى انه ليس هناك إستراتيجية عسكرية عربية، فهذه الدول تتسلح بأمر من الولايات المتحدة عندما تطلب منها ذلك، ليس دفاعا عن الشعوب العربية بل للدفاع عن المصالح الأمريكية في المنطقة، ولا تسمح لها باقتناء أنواع معينة من الأسلحة حتى لا تتفوق على إسرائيل، والأسلحة المباعة تكون في الغالب مستعملة وتعاني من عيوب ومشاكل وقد عفا عليها الزمن، لذلك نسمع كثيرا عن سقوط مروحية عربية أثناء التدريب أو غرق مركب للخفر السواحل أو حرس الحدود في جولة بحرية، فهذه الأسلحة لا تصلح في زمن السلم فكيف سترد هجوما عسكريا؟؟
لم يعد العرب يلقون بالا لما يحدث في فلسطين والعراق، فهذه أخبار وأحداث تكدر صفو حياتهم، وتسبب ألما لرؤوسهم، فالفلسطينيون اقدر من غيرهم على حل مشاكلهم حتى مع الاحتلال، والعراقيون يتدبرون أمرهم، هذا ما يعتقدونه فكل شعب أدرى بمصائبه من غيره، ليكتفي العرب بتقديم بعض المساعدات الإنسانية والأغذية الأمر الذي يزيد المصيبة تعقيدا
لربما يأتي زمان على امتنا العربية يتغير فيها الحال السيء هذا الى حال أحسن تكون فيه الجامعة العربية شيء من الماضي، ليتحول العرب الى جسم واحد موحد إذا اشتكى منه جزء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
ايمن ربايعة - صحفي فلسطيني  

الثلاثاء، 5 أكتوبر 2010

يوم السلام العالمي: حاجز قلنديا العسكري يتفجر سلاما ليوم واحد فقط؟! / بقلم : ايمن ربايعة

قصة صحفية

أشعلت اللوحة السوداء التي كتب عليها عبارة ( مكوثا ممتعا ) باللغتين العربية والعبرية، في قاعة حاجز قلنديا العسكري، نار السخرية للمضطرين اجتياز حاجز الاحتلال الذي يغلق نقطة عبور بين القدس ورام الله.
تتربع الكتل الإسمنتية الرمادية اللون في محيط حاجز قلنديا، فهي مثل كابوس يحبس أنفاس المواطنين الذين يفكرون ألف مرة بمعاناة الحواجز كلما أرادوا التنقل بين مدن الضفة الغربية وقراها.
 بدت الأجواء حارة ظهيرة يوم الثلاثاء، الحادي والعشرين من أيلول، اليوم العالمي للسلام، تحول دون أن يكمل المرء مشواره في حاجز قلنديا متجاوزا استراحة في منشأة كبيرة من الحديد أشبه بالفرن.
 جلسنا نرقب الناس وهم يدخلون الى القدس عبر مسارب من الحديد صممت لامتهان كرامة البشر وأهانتهم، قاعة كبيرة بأعمدة حمراء بلون الدم، مقاعد معدنية طويلة مثبتة بالأرض، تلك القاعة مسقوفة بألواح الحديد البيضاء، جموع تنتظر حتى تعلن مجندة فتح "المعاطة"، ذلك المصطلح الذي يطلقه الفلسطينيون على تلك البوابات الحديدية الدوارة ذات الأذرع المعدنية.
تجلس المجندة خلف كرسيها، تغلق على نفسها غرفة محكمة، تنظر الى الجموع المنتظرة من خلف زجاج سميك، وقد صرخت بكلمات عبرية عبر مكبر الصوت دوت في المكان، فتهافت الجميع على تلك البوابات، خلف تلك القضبان المعدنية، على مقربة من المجندة ثمة محتل بزي الشرطة، أشقر الشعر والوجه، يلبس سترة واقية من الرصاص سوداء اللون، وقد تدلت على صدره بندقية (أوتوماتيكية)، مراقبا حركة مرور المواطنين، عندها أغلقت البوابة لحين مرور الدفعة التي دخلت الى الجانب الأخر من المعبر، ينتظر الباقون حتى تفتح من جديد.
يسود الصمت في المكان....قهوة شاي نسكافيه، كلمات كسرت ذلك الصمت، خرجت من بائع مشروبات ساخنة، ليجذب انتباه تلك الجموع، يتخذ من أحد أركان تلك القاعة مكانا لعربته التي يحمل عليها المشروبات، يبيعها لرواد ذلك المعبر، من يرغب في شرب الشاي الساخن في يوم ملتهب كهذا؟
عجوز طويل القامة وقد وضع ضمادة على عينه اليمنى، تمسك في إحدى يديه سيدة ممتلئة، وتمسك في اليد الأخرى فتاة في الثلاثينيات من عمرها، يجلس العجوز على احد المقاعد، فيما تغادر الفتاة الى إحدى البوابات، لكن سرعان ما تعود الى جوار العجوزين، السيدة ز.ي (65سنة) مدرسة متقاعدة من مدينة غزة، ملامح وجهها التي تنم عن الطيبة والحنان تجعله مألوفا لمن يراها، وكأنه يعرفها منذ مدة طويلة، جاءت مع أخيها العجوز (60 سنة) قبل أسبوع تقريبا، لإجراء عملية جراحية في عينه، وقد رافقتها ابنتها الشابة، الفتاة خريجة جامعة بيرزيت – قسم المحاسبة والعلوم المالية في أواخر تسعينيات القرن الماضي، فتقدمت باتجاه السيدة للسؤال: هل يسمح لأهالي القطاع بمغادرته للعلاج في الضفة؟ فقالت: "ذقت الأمرين حتى حصلت على تحويلة طبية لعلاج أخي في إحدى مستشفيات مدينة نابلس"، وقالت أن الاحتلال لا يسمح لأحد بالعبور حتى يشارف على الموت، تمتمت السيدة وقالت: "هذه التحويلة مجانية" وهي تنظر حولها وكأنها تبوح بسر خطير، حاولت أن افهم قصدها، لكنها لم تفصح عن أي معلومة تشير الى ذلك، أخذت تتحدث عن الوضع في غزة وقالت أن الأوضاع صعبة جدا هناك، بالرغم من أن بعض السلع أصبح متوفرا إلا أن المواطن لا يمتلك ثمنها، فأسعارها في ارتفاع مطرد نتيجة ارتفاع كلفة تهريبها عبر الأنفاق، يقاطعها العجوز قائلا: "لا حصار في غزة والأوضاع ممتازة وكل شيء متوفر بكثرة"، تلتفت إليه الفتاة: " هذا الكلام غير صحيح فالوضع صعب والجميع يعاني، وان وجدت السلع فإنها رديئة"، تضيف السيدة (ز.ي) أن أجواء الضفة جميلة ولكن ليست أجمل من غزة، وقد عبرت عن عدم ارتياحها من تعامل التجار معهم، تقول السيدة: "أنا متزوجة ولدي أربعة أولاد وثلاث بنات، اثنان منهم درسا في جامعة بير زيت، عندما كان يسمح لطلبة غزة بالدراسة في الضفة الغربية".
 بدأت أفكر في هؤلاء الطلبة الغزيين التي كانت تعج بهم جامعات الضفة في يوم من الأيام، أفزعنا دوي السماعات في المعبر معلنة فتح البوابات، لينطلق بعد ذلك العجوزين والفتاة الى تلك المسارب قبل أن تزدحم بالناس.
جلسنا على احد المقاعد الحمراء، يلفت انتباهنا عصفوران يلهوان في تلك المنطقة التي لا تمت  للهو بصلة، شاب ينام على احد المقاعد في ركن بعيد من القاعة، واضعا تحت رأسه زجاجة ماء كمخدة، يدخل احد السياح الأجانب، ويحمل بيده كاميرا، يقف في الطابور الطويل ويلتقط بعض الصور، وكأنه أعجب بذلك الطابور الأعوج.
بينما نحن كذلك، دخل رجل يحمل طفلة صغيرة، وأخذ مقعده بين جمع كبير من الجالسين، توجهنا نحوه وبادرناه التحية، فرد علينا التحية وقد بدت على وجهه الدهشة، تبادلنا معه أطراف الحديث، الرجل من مدينة بيت لحم يبلغ من العمر واحدا وثلاثين عاما، متزوج من مقدسية من بلدة العيسوية، ولديه طفل وابنتان، ينتظر على الحاجز ليستقبل زوجته التي كانت في زيارة أهلها في القدس، يقول: "أرغمت على السكن في بلدة كفر عقب شمال القدس، حفاظا على هوية زوجتي"، ويتكلف أعباء أجرة المنزل التي تزيد على ثلاثمئة دينار شهريا، مقابل الحصول على بعض الامتيازات من تامين صحي ومبالغ مقطوعة للأطفال، كما يدفع ضريبة (الارنونا)، تلك الضريبة التي تدفع لقاء السكن في بيت داخل حدود بلدية الاحتلال.
جموع تتدافع للدخول من تلك البوابات الى عالم لا يقل بؤسا ومعاناة عن عالمهم هذا، يقترب منا شاب يحمل في يده كيسا يحتوي على عبوات من العطر، يبيعها لتعود عليه بمبلغ من المال يعينه على حاجات يومه، شاب في العشرينيات من عمره، تراه عابسا، وحق له أن يعبس، لما يراه بأم عينه كل يوم من معاناة، اخذ يعرض علينا تلك العبوات، "هذه فرنسية ورائحتها جميلة، وتلك عطور كورية ثمنها رخيص في متناول الجميع"، لمس عدم رغبتنا في شراء تلك العطور، فقام من مكانه واخذ يبحث، عله يجد من يشتري منه بضاعته.
اجتياز حاجز قلنديا العسكري رحلة عذاب دائمة، رحلة قسرية وكأنها القدر اليومي للمواطنين الذين يأملون في يوم أن تزول تلك الحواجز والجدران لعلهم يعثرون على مرور آمن في يوم السلام العالمي في الحادي والعشرين من أيلول المقبل وان كان ليوم واحد فقط ؟!

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

عشر سنوات على انتفاضة الاقصى..../ بقلم : أيمن ربايعة


      عشرة أعوام مرت على اندلاع انتفاضة الأقصى التي جاءت كرد فعل طبيعي على تعنت الإسرائيليين ومماطلتهم في تطبيق مبادئ اتفاق أوسلو على ارض الواقع، واحتجاجا على الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في الأراضي الفلسطينية، ومحاولات الجانب الإسرائيلي إضعاف السلطة الفلسطينية وخلق العقبات أمام تقدمها في بناء الدولة، وكرد فعل على زيارة أرئيل شارون ( رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ) في الثامن والعشرين من أيلول سبتمبر عام ألفين، للمسجد الأقصى المبارك، تلك الزيارة التي أشعلت فتيل الانتفاضة، الأمر الذي أثار غضب المقدسين والشارع الفلسطيني، لتندلع بعد ذلك مواجهات دامية بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال.
استقبل الفلسطينيون الألفية الثالثة بانتفاضتهم في وجه الظلم والغطرسة الاسرائيلية، والتي قمعها المحتل بكل ما أوتي من قوة،  ليبلغ عدد شهداء تلك الانتفاضة المباركة ما يزيد عن أربعة آلاف فلسطيني، وتخطي عدد الجرحى حاجز الخمسون ألفا، على مرأى ومسمع العالم المتحضر الديمقراطي والذي يدعو الى الحفاظ على حقوق الإنسان وصيانتها من الانتهاك إلا في فلسطين.
بعد عشرة أعوام من الانتفاضة، المراقب للوضع الحالي لا يرى أن الوضع قد تغير، لا بل ازدادت الأمور سوء، جدار الفصل العنصري يلتف حول رقاب الفلسطينيين ليحرمهم حرية التنقل بين مدنهم وقراهم، والاستيطان يلتهم الأرض الفلسطينية، ليبدد معه حلم الدولة الفلسطينية، وانقسام في الساحة الفلسطينية اضر كثيرا بالمصالح الفلسطينية وجعل الاحتلال يستفرد بالفلسطينيين لملي عليهم حلوله وطروحاته، وأوضاع اقتصادية بائسة، ومعونات تتهافت على الشعب الفلسطيني من كل حدب وصوب، تبقى حبيسة المستودعات حتى تفسد ومن ثم تلقى في تجمعات النفايات لتفسح المجال لغيرها في المكوث في تلك المستودعات.
اعتداءات الاحتلال طالت جميع مناحي الحياة الفلسطينية بهدف شلها والقضاء عليها، والتسبب في أعطاب كبيرة تعيق أي مشروع تسوية في المستقبل، ولم يقتصر هجوم المحتل على المسلمين ومقدساتهم، بل تعدت لتشمل كل ما هو فلسطيني بغض النظر عن دينه وانتمائه السياسي، فكانت قوافل الشهداء من المسلمين والمسحيين ودنست المساجد والكنائس على حد سواء.
الشعب الفلسطيني استفاد من هذه الانتفاضة بأن سلط الضوء على القضية الفلسطينية، وذكر العالم بأن هناك مشكلة في الشرق الأوسط تستعصي على الحل، وكشف النقاب عن وجه إسرائيل الأسود، وفضح ممارسات الاحتلال وعنجهيته، وأسلوبه الوحشي في التصدي لهبة الشعب الفلسطيني، ووضع العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وكشف زيف الدول التي تدعي حيادها من القضية الفلسطينية، والاهم من ذلك كله اظهر قصور الأمم المتحدة في التعامل مع القضية الفلسطينية وتخليها عن دورها الهام في حل النزاعات الدولية، في ظل السيطرة الأمريكية على المنظمة الدولية وتحريكها بما يخدم المصالح الامريكية حول العالم.
كما أن من نتائج هذه الانتفاضة المباركة اعتراف العالم كله بعدالة قضية الشعب الفلسطيني وحقه في التحرر وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، ووضع حد لانفلات إسرائيل وتمردها على القوانين والأعراف الدولية، والسعي الى محاسبة مجرمي الحرب فيها من خلال جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان والمنظمات المناصرة للشعب الفلسطيني.
عشر سنوات مرت على الانتفاضة لتضيف العديد من صفحات الكفاح والمقاومة لتاريخ فلسطين النضالي، ولكن دون أن يتغير حال الشعب الفلسطيني ودون إقامة دولته، ودون أن تحاسب إسرائيل على جرائمها، بل على العكس من ذلك تزايدت الضغوط على الفلسطينيين للمساومة على حقوقهم وثوابتهم، وثنيهم عن مواقفهم الرافضة لكل أشكال التبعية والتذويب التي تسعى العديد من الدول والاطراف فرضها على الفلسطينيين.
 أيمن ربايعة - صحفي فلسطيني
  

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

من يأتي أخيرا، يرحل أولا.....يا ليبرمان / بقلم : أيمن ربايعة


تتخبط الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل بزعامة بنيامين نتنياهو خبط عشواء، فتارة يطالبون الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية دولتهم، وتارة أخرى يطالبون بدولة فلسطينية منزوعة السلاح بالكامل، أما اتفاق السلام فحدث ولا حرج، فهم يريدون اتفاقا على مبدأ الأرض مقابل السلام، ومع سوريا السلام مقابل السلام، ومؤخرا خرج علينا ذاك المستوطن اليميني المتطرف المدعو افيغدور ليبرمان في طرح جديد ألا وهو الأرض والسكان مقابل السلام.....يا سلام!!!
ليبرمان يدعو المفاوض الإسرائيلي الى طرح موضوع العرب داخل إسرائيل على طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، بحجة أن الفلسطينيين والعرب يرفضون يهودية دولة إسرائيل، هذه التصريحات تعتبر خطيرة جدا، لأنها تكشف عن الوجه العنصري المقيت لهذه الدولة، فهي تسعى وبكل جهدها لإخراج هؤلاء الفلسطينيين من أرضهم واجتثاثهم، وطمس معالم فلسطين التاريخية العربية، وهذا ما فشلت إسرائيل في تحقيقه منذ قيامها وحتى ألان، فإسرائيل تنظر الى الفلسطينيين في الداخل على أنهم خطر يهدد بقائها، وقنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، فالعرب يشكلون حاليا ما نسبته 20% من عدد السكان، نسبة كبيرة مقارنة بالأقليات الأخرى المتواجدة في إسرائيل، لذلك نجد شبح التغير الديموغرافي يسيطر على صانع القرار الإسرائيلي، وستبقى إسرائيل تستخدم هذه الورقة للضغط على الفلسطينيين والتهديد بطردهم.
لماذا لم يشر ليبرمان الى المستوطنين كعقبة كبرى في وجه السلام؟ ولماذا يدفع الفلسطينيون الثمن دائما أينما كانوا؟ قد لا يعلم ليبرمان أن الفلسطينيين موجودون في هذه البلاد من قبل أن تقام إسرائيل، ويتبن لنا أيضا أن ليبرمان وأشكاله قد نسوا أو تناسوا من أين أتوا وما هو أصلهم، هؤلاء الشرذمة التي تجمعوا من كافة أقطار العالم ليغتصبوا ارض فلسطين ويقيموا عليها دولتهم البغيضة، دائما ما يأتي ليبرمان بأفكار متطرفة فهو من اقترح من قبل مشروع ترحيل الفلسطينيين أو (الترانسفير) سواء داخل إسرائيل أو في الضفة وغزة، الى الأردن في إطار الوطن البديل، هذا المشروع الخيالي الذي يرفضه الجميع، وتصل بهم الوقاحة الآن الى المطالبة بطرد السكان العرب من أرضهم وارض أجدادهم، في حين يطالب الفلسطينيون بحق العودة لمن هجروا من بيوتهم وأرضهم عام ثمانية وأربعين، وهذا ما كفلته القوانين والقرارات الدولية.
ينظر المراقبون الى هذه التصريحات التي أطلقها ليبرمان، على أنها جزء من حملة انتخابية يسعى من خلالها الى كسب أصوات اليمين المتطرف المعادي للعرب في إسرائيل، وهي في الأساس أيضا خطوة لتهويد العديد من المناطق في الداخل الفلسطيني كالنقب والجليل وعكا وغيرها، وهي أيضا عقبة جديدة من العقبات التي دأبت إسرائيل على وضعها أمام عملية السلام، ففي حال إصرار الفلسطينيين على موقفهم الرافض للاعتراف بيهودية الدولة، فإن إسرائيل ستطرح وبشكل رسمي تبادل السكان الذي تحدث عنه ليبرمان في تصريحاته، بحيث تطرد السكان العرب مقابل إخلاء المستوطنات المقامة في الضفة الغربية، ومن ثم تعود المفاوضات وعملية السلام تراوح مكانها من جديد، ليتحمل الطرف الفلسطيني مسؤولية إفشالها، وكأنها حققت الكثير ولم يبق إلا القليل.
على الفلسطينيين أن يتنبهوا جيدا لمثل هذه التصريحات لما لها من خطورة على واقع فلسطينيي الداخل، وتزايد الضغوط الاسرائيلية عليهم، وكذلك لتمرير هذه المطالب من خلال المفاوضات، ووضعها ضمن جدول أعمال الوفدين المفاوضين، تمهيدا لجعلها شرطا أساسيا من شروط تحقيق السلام الذي طال انتظاره، ويجب كذلك على ليبرمان أن يعلم جيدا أن ما يخطط له سيفشل ويتحطم على صخرة إصرار الفلسطينيين في البقاء على أرضهم، وكما قال النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي الدكتور احمد الطيبي ردا على تصريحات ليبرمان" من يأتي أخيرا، يرحل أولا".

الجمعة، 17 سبتمبر 2010

يقتلون ويستمرون في البناء ويتفاوضون..!!!/ بقلم : أيمن ربايعة


     

     الجولة الثالثة من المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي عقدت في مدينة القدس المحتلة، لطفت الأجواء، وخلقت نوعا من الارتياح بين أعضاء طاقمي المفاوضات، على حد تعبير المراقبين، بالرغم من قتامة الصورة والاستياء العام في الشارع الفلسطيني من هذه المفاوضات، وفقدان الأمل من جدواها، فإسرائيل تصر على اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة وهذا ما لم يكن مطروحا إبان توقيع اتفاق أوسلو في تسعينيات القرن الماضي، والفلسطينيون يتمسكون بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية الى حين التوصل الى اتفاق إطاري بين الجانبين، والولايات المتحدة تتعهد بتقديم الاقتراحات المناسبة للطرفين دون إلزامهم بها، وتؤكد أن هذه المفاوضات ستوصل في النهاية الى الدولة الفلسطينية، وستجلب الأمن  لإسرائيل، من جانبها تؤكد وزيرة الخارجية الأمريكية على متابعتها الشخصية لهذه الجولات، وكذلك إشادتها بجدية الطرفين في التوصل الى اتفاق، ومن الجدير ذكره أن الوزيرة كلينتون لم تعد الى منزلها منذ أربعة أيام، وهنا نتساءل عن وضع السيد بيل كلينتون في هذه الفترة وكيف يستطيع أن يتدبر أمره أثناء غياب زوجته؟.
      إذن... نحن نتفاوض ونتباحث، في سبيل التوصل الى اتفاق لكي نمهد الطريق للعيش بجوار بعضنا البعض بأمان واستقرار، فلماذا العدوان والقتل؟؟، وما هو مبرر هذا التصرف؟؟... قوة عسكرية إسرائيلية تقتحم مخيم نور شمس في مدينة طولكرم وتقتل مواطنا ينام بسريره وبين أولاده، السيد إياد اسعد شلباية من كوادر حماس في الضفة الغربية، تغتاله بالإطلاق النار عليه في السرير الذي يرقد فيه، أسلوب قتل وحشي تتبعه هذه القوات، والتي تتفاخر بأنها من أكثر الجيوش في العالم التزاما بأخلاق الحرب والقتال، وهو في الحقيقة ابعد ما يكون عن تلك الأخلاق، دائما نتمسك بالسلام كخيار استراتيجي، وإسرائيل تتخذ من الحرب كخيار أفضل للقتل الفلسطينيين وتغيير الحقائق على الأرض.
     مسؤول إسرائيلي كبير يصرح، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يجمد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وستتواصل المفاوضات، استمرار أعمال الاستيطان ونهب الأرض الفلسطينية، التي من المفترض أن تقام عليها الدولة الفلسطينية، يجعلنا نعيد النظر في جدوى المفاوضات منذ التسعينيات وحتى الآن، فبعد مؤتمر انابوليس للسلام الذي عقد في ولاية ميريلاند الأمريكية في السابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر عام ألفين وسبعة، ازدادت أعمال البناء والنشاط الاستيطاني ما نسبته 70% على حد قول بعض الدراسات، ومن الملاحظ أيضا أن إسرائيل كلما شرعت في مفاوضات سلام مع الفلسطينيين، فإنها تزيد من الأعمال المعادية لهم وتسعى وبكل قدرتها الى تغيير الحقائق على الأرض، لخلق أمر واقع تضعه عقبة في طريق التوصل الى أي تسوية مع الفلسطينيين، من لا يعرف مستوطنة معاليه ادوميم، فهي مستوطنة تقع الى الشرق من مدينة القدس المحتلة، وتعد من كبرى المستوطنات في الضفة الغربية، ومن المستوطنات التي تنوي إسرائيل الاحتفاظ بها، في حال التوصل الى أي اتفاق مع الفلسطينيين، وهي بالمناسبة إحدى أهم مرتكزات مخطط تهويد القدس، هذه المستوطنة لا يفصلها عن الحدود الأردنية الفلسطينية سوى بضعة كيلو مترات، أي أنها تفصل شمال الضفة عن جنوبها، وتزيد من تشرذم الأرض الفلسطينية، فكيف ستحتفظ إسرائيل بهذا الجزء الكبير من الضفة الغربية؟؟ والذي يعد بمثابة العمق للدولة الفلسطينية المستقبلية، ناهيك عن العديد من هذه المستوطنات التي تتربع فوق أرضنا الفلسطينية.
    المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي تبعث على الاستياء، ليس لضعف في موقف المفاوض الفلسطيني، بل مما تفرضه تلك الدولة من حقائق على ارض الواقع،يستحيل معها التوصل الى سلام، وهذا الحقائق في الأساس مخالفة للقانون الدولي، بالرغم من كل ذلك، تدعي إسرائيل أنها تسعى للسلام، ولا تأل جهدا في سبيل تحقيقه، فقد توصل الجانب الفلسطيني الى اتفاق مع إسرائيل يستطيع بموجبه الحصول على أكثر من97% من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة كاملا في مفاوضات سابقة، ولم يتحقق شيء من ذلك ، فما بالكم ألان وقد التهم الاستيطان أكثر من نصف الضفة الغربية بقليل، وهودت القدس - التي لن تتنازل عنها إسرائيل مهما حصل- ومعالمها الفلسطينية العربية في تناقص مستمر، وطرد الآلاف من أهلها وسكانها وتغير وجهها.....السلام حلم يصعب تحقيقه.

الاثنين، 13 سبتمبر 2010

تركيا على أعتاب الاتحاد الاوروبي..../ بقلم : ايمن ربايعة




     بالأمس اجتاز حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا اختبار تعديل الدستور، والذي يعد من العقبات الكبيرة أمام تركيا في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي لنيل العضوية الكاملة في الاتحاد، فقد صوت ما نسبته ثمان وخمسون بالمائة من الشعب التركي لصالح التعديلات، وهي نسبة يراها المراقبون مرتفعة جدا ولم يسبق لأي حزب أن حصل عليها في تاريخ تركيا الحديث، تعديل ست وعشرين مادة في الدستور التركي من أهمها مواد تقلص دور المؤسسة العسكرية في السياسة وإمكانية محاسبة عناصر الجيش أمام المحاكم المدنية، وتزيد من صلاحيات البرلمان ورئيس الدولة في تعيين القضاة، ومواد أخرى تجعل من تركيا أكثر ديمقراطية، أما ردود الفعل الدولية على هذا الاستفتاء فقد جاءت كلها مرحبة بهذا التغيير وداعمة له، فالاتحاد الأوروبي اعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح من الاحتفاظ بحق الاتحاد في مراقبة تنفيذ هذه التعديلات على ارض الواقع، كما جاءت بيانات الخارجية الأمريكية والألمانية مرحبة بهذه النتيجة، وكذلك تلقي اردوغان العديد من المكالمات الهاتفية تهنئه بهذا الفوز أهمها من الرئيس الأمريكي باراك اوباما.
الدستور الحالي والذي وضعه العسكر عام ألف وتسعمائة واثنين وثمانين بقيادة الجنرال كنعان ايفرين، يعطي المجلس العسكري والقضاة العديد من الصلاحيات للتدخل في الحياة السياسية التركية وهذا ما لا يروق للاوروبين والغرب لان الجيش من وجهة نظرهم ويؤمر ولا يأمر، ويرى البعض أن نتائج الاستفتاء هي في الأساس تعبير عن نصر انتخابي لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية المقبلة المزمع إجرائها العام القادم ورجح العديد من المراقبين للشأن التركي أن يدعو رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الى انتخابات مبكرة للضمان الحصول على أصوات من أيدوا هذه التعديلات الدستورية.
الناظر الى الحالة التي تعيشها تركيا هذه الأيام يرى أن دور الجيش والقضاء في الحياة السياسية بدأ يتلاشى شيئا فشيئا، وهاتين المؤسستين من أهم المؤسسات المناصرة للعلمانية الكمالية والمدافعة عنها في وجه كل من يحاول تغيير معالمها، وأصبح الحديث عن مبادئ أتاتورك العلمانية ليس محرما ويمكن نقضها وحتى تغييرها وهذا ما أثبتته نتيجة الاستفتاء.
طرح هذه التعديلات الدستورية للاستفتاء العام في تركيا يعبر عن احترام الطبقة الحاكمة لرأي الشعب سواء أكان معارضا أو مؤيدا لها، لان الشعب هو القاعدة التي ينطلق منها كل حزب في طريقه للوصول الى السلطة، وهنا يبرز دور الإعلام في خلق رأي عام حول قضية معينة وإعطاء هذا الرأي الدور الايجابي في التغيير، ولو قمنا بعمل مقارنة بسيطة بين ما يستطيع الرأي العام التركي بالرغم من تحركه الخجول مقارنة بالرأي العام في أوروبا وأمريكا، وبين الرأي العام العربي والذي يعد من المصطلحات التي لا وجود لها على ارض الواقع، لوجدنا أن الرأي العام العربي إن لم يكن موجودا فإنه مخدر ومغيب وبعيد عن القضايا التي من المفترض أن يلعب دورا مهما وجوهريا فيها، وهذا يعود الى هروب الإعلام العربي بالرأي العام الى قضايا هامشية بل وتافهة، وفي بعض الأحيان قد يدفع الإعلام العربي بالرأي العام الى خلق أزمة بين الدول العربية الشقيقة وهذا ما حصل في أزمة الجزائر ومصر، والتي وظف فيها الإعلام بعناية للتسبب بهذا الخلاف غير المسبوق بين دولتين عربيتين، قد يتساءل احد ويقول : ماذا تسمي هذه الأعراس الديمقراطية التي تتمثل في الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تجرى في البلاد العربية بين الفينة والأخرى، والجواب هنا يتلخص في أن هذه الأعراس الديمقراطية ما هي إلا مسرحيات كوميدية نتيجتها محسومة سلفا، ولا يطال المواطن العربي منها سوا يوم العطلة الذي يتوجه فيه الناخبون لصناديق الاقتراع لوضع هذه الأوراق التي لا تعد ولا تفرز في الأساس، لان مغتصب السلطة لا يكترث بما يقوله الشعب، وفي اغلب الأحيان يختلق نتائج تليق بمقاسه.
متى يكون للرأي العام العربي كلمته في كل القضايا التي تهمه؟ ومتى سيؤخذ هذا الرأي من قبل من نصبوا أنفسهم أوصياء على آراء الناس في الاعتبار؟ الى متى سيبقى الرأي العام العربي منشغل في تأمين لقمة عيشه ومكان سكنه، ومتى سينهض في تفكيره للتغيير الواقع الذي يعيشه؟
أتمنى أن نجد أجوبة لكل هذه التساؤلات في القريب العاجل.

السبت، 11 سبتمبر 2010

تيري جونز......ماذا تتوقعون من تافه كهذا؟؟/ بقلم : ايمن ربايعة

      إصرار القس تيري جونز على موقفه المتمثل في حرق نسخ من القرآن الكريم في الذكرى التاسعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر يعتبر من اخطر الهجمات على الإسلام والمسلمين، فالغرب في الآونة الأخيرة زاد في تهجمه على الإسلام والإساءة الى رموزه ومقدساته، ليس لشيء إلا لأنه رأى المسلمين متخاذلين ومتصارعين ومشتتين وهم اضعف من أن يدافعوا عن دينهم ويردوا كل متهجم على رموزه، لو كانت الصورة على العكس من ذلك أي أن المسلمون موحدون متحابون يوظفون مواردهم لخدمة أمتهم وشعوبهم وأبناء جلدتهم بدلا من إنفاقها على الترف والبذخ والرفاهية التي هي في الأساس مصدرها الغرب، لما تجرأ احد على الإسلام، ولأصبح العالم يفكر ألف مرة قبل أن يعلن عن أي تحرك من أي طرف قد يسيء للإسلام، في هذه الحادثة بالذات تأتي الإساءة للإسلام من شخص تافه وحقير (القس تيري جونز) راعي كنيسة معمدانية في ولاية فلوريدا الأمريكية ولا يتجاوز أتباع هذا الكنيسة خمسون شخصا يعرف عنه انه مطرود ومطلوب للقضاء الألماني بتهم تتعلق بالتزوير وانتحال الشخصية، رجل بهذه التفاهة والضآلة يتطاول على القرآن الكريم، ماذا أبقى هذا الصغير لمن هم اكبر منه من إساءة لنا ولديننا؟، وهذا ما يجعلنا نستخلص العبر ونعيد النظر في موفقنا السلبي الدائم من هذه القضايا، ونتساءل هنا عن دور إعلامنا العربي والإسلامي الذي فضل إنتاج المسلسلات والأفلام الهابطة التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي لها بالغ الأثر في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، على الانطلاق من إستراتيجية إعلامية واضحة وصريحة لإظهار الصورة الصحيحة والحقيقية عن ديننا الحنيف، ودحض كل ما يثار حوله من أكاذيب وافتراءات، وقد يتساءل البعض عن القنوات الفضائية الدينية الإسلامية والعربية التي انتشرت في الآونة الأخيرة وواجبها تجاه هذا الدين، والرد أن هذه القنوات تجارية بامتياز ووظيفتها لا تعدى الدروس الدينية من تعليم للصلاة والحج وغير ذلك من العبادات والشعائر وليس في اهتماماتها الدفاع عن الإسلام ورد على كل من يتطاول عليه.
دائما ما يبرر الغرب هذه التصرفات من هؤلاء الحاقدين بأنها ضرب من ضروب حرية التعبير والحريات المدنية، ولكن نهج الإساءة للأخر وتشويه صورته لا يتبعه إلا من عجز عن إقناع الطرف الأخر بوجهة نظره لذا تراه يتجه الى الإساءة والشتم والقذف، وما الى ذلك من هذا الكلام الذي لم يعد ينطلي على احد، وكأنهم تناسوا أن حريتهم تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، فلو أن أحدا من المسلمين أعلن في وسائل الإعلام انه ينوي حرق صورة للرئيس الأمريكي أو للبابا الفاتيكان وليس للإنجيل أو أي كتاب مقدس أخر، لرأينا أن حكوماتنا التي تدعي الديمقراطية تتهافت على منعه وتنزل به اشد العقوبات على مرأى ومسمع العالم كله، ولكن في حادثة القس جونز جميع من تحدثوا الى وسائل الإعلام معلنين رفضهم لهذا التصرف هم في الأساس راضون كل الرضى عما يقوم به القس جونز والدليل أنهم اكتفوا بالتحذير من تداعيات هذه الخطوة على مصالح الولايات المتحدة في العالم وخطورتها على الجنود الأمريكيين في أفغانستان وغيرها من البلدان التي تتربع فيها هذه القوات، ولو لم تكن للولايات المتحدة قوات عسكرية منتشرة في العالم لسمعنا مباركة أمريكية رسمية وعلنية لهذا العمل.
ولكن الملاحظ وبشكل واضح وفاضح صمت الزعماء والرؤساء العرب الذي يبعث على الاستياء، وكأن الأمر لا يعنيهم وهم من يصفون أنفسهم مناصرين لهذا الدين ورموزه، فمنهم من يصف نفسه خادما للحرمين ومنهم من يدعي اتصال نسبه بنسب الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهم من يدعي قرابته لعمر بن الخطاب من جهة أمه أو أبيه وهذا أمر لا يعنينا، وكلها ألقاب وأوصاف لأناس لا يمتون لهذا الأمة بصلة، ولا يؤلون جهدا في محاربة كل من يحاول اتخاذ هذا الدين نهجا لحياته الخاصة، أما من يسعى لنشر هذا الدين في المجتمع فإنه يختفي في ظروف غامضة وتنقطع أخباره وينسى أثره،والدعوة هنا لعدم استغراب تصرف القس تيري جونز واستهجانه ما دامت هذه الحكومات والأنظمة تمارس أبشع وأقذر مما ينوي هذا القس القيام به.